المقـــال الأول عن
اليـــهوديــة والأندفـــاعـــات العــــــربــيــــة
بقلم د. طـــــارق رضـــــــــوان
" مصر الحبيبة أعلم أنك تبكين فى صمت وهدوء، وأنت
تتحاملين على نفسك لتقفين صامدة بكبرياء قوية، دون خنوع فأنت دائما القاهرة، ولكن
تكونى سوى القائدة، وأعلم أنك تتلفتين حول أرضك فلا تجدين سوى العداوة والحقد، وهى
عداوة مردها الحقيقى الشعور بالضعة. ولكنك تعلمين أيضاً أن قصتك هى قصة البطولة،
وأن تاريخك لن يكون سوى نموذج التضحية، تقدمينه دون ضجة أو ضوضاء..
يعد الإعلام اليوم علماً له قواعده وأصوله ، والممارسة
العملية لم تعد كافية للتقدم في المسيرة الإعلامية من صحافة مكتوبة ومرئية ومسموعة
وسينما وإعلان ودعاية ...أن معظم دول العالم قد إنشاءات معاهداً ومراكز جامعية
للتخصص في دراسة علوم الإعلام وفنونه .
وإذا قرءنا في تاريخ الإعلام وتطور وسائله وأساليبه
سنفهم لما وصف هذا العصر بعصر المعلومات والمعلوماتية ويمكننا القول أن الأقوياء
هم الذين يمتلكون الإعلام ويسيطرون على قنوات الاتصال التي ينتقل الإعلام من
خلالها إلى الجماهير الواسعة وتتأثر به ويؤثر بها.
ومن أهم العلوم الإعلامية فن التأثير على الرأي العام
الذي يقوم على دراسة التأثير المباشر والغير مباشر للدعاية السياسية أو الإعلانية
أو الإعلامية على الفرد وكيف يتفاعل معها ويتأثر ويؤثر عليها .
فالإعلام بجميع فنونه ووسائله الاتصالية فعالية يتأثر
بها الجماهير فيعبئ الرأي العام ، وخصوصاً الدعاية السياسية ، أن يقرب البعيد
ويبعد الدولة الصديقة ويحدث انقلاب في قارة أخرى.
الجذير بالذكر
هو أن العدل لا يتحقق تلقائيا ، فإنه يتحقق بالعمل له والسعي إليه بمثابرة ومواظبة
، وقبل أن نتحرك في أي اتجاه لمواجهة وسائل الصهيونية العالمية ، ينبغى لنا أن
نتنبه إلى حقيقتين هامتين ، لهما أثر كبير في جعل دورنا على مستوى تلك الوسائل .
1- إن الحركة الصهيونية في حد ذاتها أنشأها ونظمها الصحفي النمساوي البارع
"تيودور هرتزل" فكان للصحافة والوسائل الإعلامية المقروءة و المرئية دور
واضح في تدعيم الصهيونية وترويج أهدافها .
2 – إن الصهيونية كانت في المقام الأول حركة الأكادميين
والمثقفين الذين يلاحقون عجلة التطور في مجالات الفكر والسياسة والاقتصاد ، من
يهود العالم الغربي ، فهاتان الحقيقتان تدلان على أن قيادة الحركة الصهيونية
العالمية كانت ولا تزال في أيدي عناصر نشطة ومثقفة .
إن هدف الصهيونية منذ نشـأتها كحركة سياسية وفكرية هو
استدرار الشفقة على اليهود بإصرار وتهالك بغية حشد يهود العالم في الأرض التي
اغتصبوها من أهل فلسطين العربية وتوسيع رقعة تلك الأرض بعد التخلص تماما من سكانها
الاصليين ، ثم إلقاء صفة القومية الواحدة على فئات من البشر تبعثرت منذ ألف سنة في
أوطان كثيرة وعاشت دائما فى غزلة تامة متمسكة بتقاليدها الدينية والثقافية
والاجتماعية التي تبعدها عن الاندماج في الشعوب الأخرى إلا لأجل التضليل أو الخداع
. و لأن نوعية الدعاية
عن طريق الحلقات المثيرة والممتعة بالنسبة للأطفال هامة وخطرة جداً، لأنهم يتشربون
كل هذه المعلومات قطرة قطرة، وأطفال اليوم هم رجال الغد ورأيهم الذى يكونونه فى سن
مبكرة سيؤثر عليهم وعلى مصر فى المستقبل، ونوعية هذه الدعاية بالطبع لن تكون فى
مصلحة مصر ولا مصلحة السلام المنشود.. ".
– لا بد من إيجاد إعلام مضاد يفنّد ما يقوله العدو ويكشف زيفه ومكره ، ولا بد
أن يعمل هذا الإعلام الإسلامي على تثقيف المسلمين وزيادة وعيهم بقضايا أمتهم ، وأن
يبادر إلى زرع الشقاق والعداوة بين أعداء الأمة : فلا يكون إعلاماً دفاعياً فحسب ،
بل يكون إعلاماً مٌبادراً فاعلاً ..
تخطيط للمواجهة
وفى ضوء هذا الواقع القائم يجب أن نضع في
الاعتبار أولا وقبل كل شيئ ، في مجال أو مواجهة الصهيونية والرد عليها ،
الملاحظات الآ تية :
1 – العناية الواعية بالبعثات الدبلوماسية
العربية والإسلامية في الأقطار الغربية ، لكي تصبح هذه البعثات أقدر على مواجهة
تيار الدعايات المعاكسة الصادرة عن الصهيونية والصحف المرتبطة بها مباشرة أو غير
مباشرة بالرد على تلك الدعايات فورا بأساليب مؤثرة .
2 - دراسة المفاهيم المغلوطة التي
رسمتها الصهيونية في الأذهان وتصحيحها بأسلوب مثقف وجرئ ، بشتى وسائل الأعلام التي
ينفذ أثرها إلى الأقطار التي تتحرك فيها الصهيونية بحرية مطلقة .
3 - الاستفادة من الصحف والعناصر
السياسية والمثقفة والمستقلة في تلك الأقطار ، تشرح لها مشكلة فلسطين بنهج المنطق
والموضوعية والإنسانية ، بعيدة عن أية شائبة من شوائب العواطف أو التهريج . فهذا المنهج
ضروري جدا في نظر هؤلاء المحايدين المستقلين .
4 – إيفاد شخصيات أكفاء من الصحفيين
والمحاضرين والسياسيين الذين يستطيعون الاتصال والحديث بزملائهم في تلك البلاد
بنفس اللغة التي يتحدثون بها والأسبوب الذي يفضلونه ، حتى تكون مناقشاتهم
ومحادثاتهم عونا على توثيق العلاقات الشخصية وتفهم شتى نواحي القضية التي يطرقونها
.
5 – بأن يكون الطلاب المبعوثون من البلدان
العربية والإسلامية إلى الأقطار التي فيها نفوذ الصهيونية أو أعوانها ، على قدر
كاف من الفهم لهذه القضية الحساسة وعلى قد كبير من الثقافة العامة والمهارة لمعاشرة
الناس والاختلاط بهم والتأثير فيهم قولا وعملا وخلقا .
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك فى موضوعاتنا .