التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الاديب المغربي صالح هشام قصة يكتب حافة الهاوية

الاديب المغربي
صالح هشام
قصة 
 يكتب
حافة الهاوية 
قصيرة~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~حافة الهاوية
بلورتان كبيرتان ،باردتان ،تتسكعان فوق جبيني المثلج خلتهما في البداية : يد ا تمسح على جبهتي ،تحسستها بمهل ،و حذر شديد براحتي ،لم تكن لا يد زوجتي ولا امي ولا يد أي أحد .شعرت بالبلل يجتاحني ، يتسلل باردا بين أضلاعي و قميص النوم و من تم ينحدر إلى أسفل السروال، إلى الكاحل، ، تمسكت بالحائط ،أسندته ، يداي تلتصقان به مرفوعتان إلى أعلى كالمصلوب . كمن يستجدي الصدقة، كمن يتضرع إلى الخالق، حاجتي إليه كانت ماسة .مررت يدي على ظهره، كان أملس ناعما ، يلتصق به زر كهرباء كالقرادة في مكان ما منه ،لكنه معطل ،تابعت الالتصاق به و التمسك بتلابيبه أرتشف منه رحيق الأمان في سواد الليل ، ،يضمني أكثر يكاد يعصر اضلاعي ، كصدر أمي حنانا ، رعاني إلى أن سلمني إلى الباب يدا بيد .
لكن اختلطت علي الأبواب كلها تتشابه ،ولكنها تختلف في الفراغات ٠ لم أعرف أ أنا على الخلفي أم على الامامي ؟! لايهم،المهم هو انه دفع بي الى خارج البيت ٠و خرجت ،انحنيت حتى كدت أقبل التراب ، تحسست الأرض ، أحبو على يدي وركبتاي أحسستني أرنبا تبحث عن عشب ،أو جزرة أو أي شئ . رفعت هامتي /قامتي : قشة يابسة في مهب ريح عاتية، استقمت بصعوبة بالغة ، وبدأت أجس نبض المكان أين أضع رجلي ،والثانية تأتي بعد نجاح الأولى .ضممت يدي وأخفيتهما تحت ثيابي ،تحت إبطي ، أنا أموت فرقا من العتمة · يقولون بأنها تقطع اليد الشاردة عن صدر صاحبها .قست موضع الخطوة الأولى ،فتبتتها ،ثم الثانية ، لكن شعرت أن المسافة بينهما شاسعة جدا ،وكأني سأنط فوق مدينة عملاقة دفعة واحدة · خطوة فاشلة، ابحث من جديد عن نقطة ضعف المكان ،زلت قدمي، وبقيت عالقا استغيث بالفراغ ،أطلب النجدة من لا شئ ·ألم شديد من الكاحل الى الحوض يعتصرني ، خلت وركي انتزع من مكانه ،قلت في نفسي ربما اني اصعد ظهر جبل صخري ،لكني لست ( عنكبوتا ) وحتى لو كنته ، لن انجح في العبور : مقصدي المنحدر وليس عكسه ، على أي حال، كلاهما له مايميزه عن الاخر · حددت هذه المرة موقعي٠٠ لن أخبط العشواء ،لدي اقدام بشرية و ليس اظلاف كائنات اسطورية ،والأقدام ليست مرنة كفاية٠٠ يقولون: في تاريخ اللامعقول والهديان قوم لهم اظلاف الماعز : ينطون ويقفزون كالغزلان ولا يعدون كالبشر ،وما علاقتي انا بهذا ؟! و لتكن لهم حتى الحوافر ! اظن اني انتابتني نوبة من الهديان ! مرماي هو المنحدر ،ساهبط ،سانزل ،سأهوي . دلتني بوصلتي على مقصدي ،لكنها كانت صدئة ،لم تكن دقيقة كفاية ،راوغني حدسي كذب علي وخيب ظني : أخطأت الهدف ،زلت قدماي ،لكمة قوية على القفا مباغثة تقدفني في هوة سحيقة عميقة، قرارها العدم. اللانهاية ،إنها الهاوية ،لكن لماذا هذا الاسم ؟!.لماذا لاتحمل اسما اخر ؟! ، الهاوية :من هوى ضاع، لن يعود أبدا من حيث أتى ٠ أيقنت أني لن اعود من حيث أتيت،أني ضعت !! أسدلت ستار عيني ،ألصقت الرمش على الرمش ، وغبت في حلول صوفي ،ارتخت عضلاتي ،وبدا قلبي يدق عنيفا ثم ببطء و يدق ،،يدق ،،يدق و دقاته ، تضعف، تخبو ، انه على وشك السكون ، يكاد يتوقف ، سأموت إني اهوي ،اني في طريقي الى الهاوية ،اسمع بها لكن ،من هي ؟! ماهي ؟! ماذا تعني ؟! شعرت ان كل شئ في جسمي يترهل و يذوب ،ربما سيمحا بعد دقائق، ،غابت عيناي في محجريهما ،تشابكت اسناني .جف ريقي، ابتلعته شوك زقوم في حلقي شئ ما يضغط على صدري يخنق في النفس ،استغيث : جرعة ماء ،! جرعة ماء! لا من مجيب ،يجيبني صوتي ،او قل إنه يصطدم بالفراغ ويعود إلى مصدره ، يعود الي .سلمت روحي وجسدي للهاوية ،تركته ينساب بسلاسة . تسرقه مني الهاوية لم أقاوم .جسمي لم يكن مني ،كنت مخدرا تماما :انحدار الهاوية :جميل ، راقني كثيرا ، تربته رطبة ناعمة : إنه جبل من الزبد أغوص فيه ،اهبطه من القمة الى السفح ،لا أشعر بالألم بين فخدي ،انتشي بالهبوط : أهوي من سابع سماء إلى العدم ، إلى الفراغ ،لا شئ إلا الفراغ ، ومن يدري؟! ،ربما تقدفني الهاوية ،في بحر من عسل شطآنه مخملية ذهبية ،أ و في جنة من جنان الخلد ،اما نهر الوحل فأستبعده تماما ٠ما دمت أنزلق في الزبد ،ولم أشعر بألم ،لم أشعر بغثيان ٠هناك رأيت أو سمعت ،لا ادري كانت حواسي معطلة تماما ، حشود الناس كالجياد يركبهم الخوف ويمسك بالعنان : يركضون يتموجون كأسراب السردين الهاربة من اسماك القرش ،سألت أحدهم :-ما دهاكم يا قوم ، لماذا تعدون في جميع الاتجاهات ،فأين سيكون مستقركم إن شاء الله؟ أجابني:يا ضيف ! يا ثقيل ! ،هؤلاء لا أرض ،لا وطن، لا مستقر لهم ، يعدون كالمجانين ،والكل يتبعهم اينما حلوا وارتحلوا في متاهات اللاشئ-وما لكم انتم اتركوهم لحالهم ،يعدو ن او لا يعدون فذلك شأنهم؟! -علينا أن نتبعهم وان نعدو مثلهم ،وإلا فإننا سنموت ،فنحن في الهاوية :في الهوى سوى ،كيف ذلك ،والله إن الفأر بدأ يراودني على نفسي ،ما ذا تعني ؟!- هؤلاء الهاربون أمامك أصيبوا بمرض الخوف !! من ماذا ؟! من الخوف ؟! سننتصر على هذا الخوف بنظيره بالخوف ؟! وما شأنكم انتم ؟! -نحن ايضا اصبنا بعدوى الخوف (الخوف من اللاشيء) .عندما نعدو جماعة و في كل الاتجاهات نتلف أثرنا ، نحتمي ببعضنا البعض ، ونحمي أجسادنا بأجساد غيرنا ،ولا نترك للخوف مجالا ليحدد الطريدة -إننا نقتدي بعالم الطير والحيوان والأسماك في تكاثفها لمحاربة الخوف وقهره ٠ ألا ترى أن أسراب الطيور لا تحلق في الفضاء إلا بالملايين ، تطير هنا ،،هناك ،،وفي كل مكان ،فتفقد الجوارح تركيزها على تحديد الهدف ، هذا هو سر العدو جماعة وفي كل الاتجاهات ،فقطعان الابقار الوحشية تشتت انتباه الاسود ،فيفلت جسد بجسد وتنجو روح بروح فالاتحاد في الخوف من الخوف هو سر الاستمرارية الى الأبد ،افهمت الآن لماذا تتجمع اسراب الاسماك ، واسراب الطيور واسراب الحيوان،اعد، اعد ، اجر قرب اي جماعة من الجماعات وتظاهر بالخوف فالكل سيجري و راءك بلا هوادة ! ،لأن الخوف يصيبهم بالعدوى .شعرت برغبة جامحة في العدو في الهروب مع الهاربين من اللاشئ!! يهربون ،بدأت اعدو ،واعدو مع العدائين ، لكن اعدو في الاسمنت ،اغوص في الاسمنت حد المنكبين اشعر بالا ختناق وبأنفاسي مكتومة ، احس بخطواتي ثقيلة ، ثقيلة، كنت احاول العدو وانا اجر جبلا احاول اقتلاعه من على وجه الارض ،تصوروا جسما نحيلا كجسمي يجر جبلا ويعدو ،اقتلع قدمي بمشقة من الاسمنت فتغوص الثانية ،اريد اللحاق بركب العدائين ، الهاربين مسلوب الارادة ،اصرخ ، استغيث و يضيع صراخي في الهاوية .واذا يد قوية تجرني ، تقتلعني من بركة الاسمنت ، انها قبضة زوجتي تصرخ في وجهي !! قم، قم ،إنها الثامنة صباحا ،مسحت هذه المرة عرقي،، بلوراتي وأنا أرتجف كقصبة في مهب الريح .
الاثنين 13 ابريل 2015~~~~~~~~~~~~~~~صالح هشام
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحلة فى أعماق شاعر : الشاعر إيليا أبو ماضى بقلم محسن الوردانى

الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى أحد أبرز شعراء المهجر فى القرن العشرين جاء إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة والتقى بالكاتب اللبنانى انطوان جميل ودعاه انطوان للكتابة فى مجلة الزهور فبدأ فى نشر قصائد بالمجلة . صدر له عام 1911 ديوان      تذكار الماضى هاجر عام 1912 الولايات المتحدة وأسس الرابطة القلمية  مع جبران خليل جبران وميخائيل نعمه توفى سنة 1957 يقول ايليا أبو ماضى فى قصيدته ليس السر في السنوات قل للذي أحصى السنين مفاخرا     يا صاح ليس السرّ في السنوات لكنه في المرء كيف يعيشها     في يقظة ، أم في عميق سبات قم عدّ آلاف السنين على الحصى     أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟ خير من الفلوات ، لا حدّ لها ،     روض أغنّ يقاس بالخطوات كن زهرة ، أو نغمة في زهرة،     فالمجد للأزهار والنغمات تمشي الشهور على الورود ضحوكة     وتنام في الأشواك مكتئبات وتموت ذي للعقم قبل مماتها     وتعيش تلك الدهر في ساعات تحصى على أهل الحياة دقائق     والدهر لا يحصى على الأموات ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ                       كالبيت مهجورا وكالمومات جعل السنين مجيدة وجميلة     ما في مطاويها من الحسنات وهنا يتحدث إيليا ابو ماضى

ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان

* ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان في مدينة فينيسا "البندقية" بإيطاليا، كان اليهودي الجشع"شيلوك" قد جمع ثروة طائلة من المال الحرام..فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش..وكانت مدينة البندقية في ذلك الوقت من أشهر المدن التجارية، ويعيش فيها تجار كثيرون من المسيحيين..من بينهم تاجر شاب اسمه"انطونيو". كان "انطونيو"ذا قلب طيب كريم..وكان لا يبخل على كل من يلجأ إليه للاقتراض دون ان يحصل من المقترض على ربا او فائدة.لذلك فقد كان اليهودي "شيلوك"يكرهه ويضمر له الشر بالرغم مما كان بيديه له من نفاق واحترام مفتعل. وفي اي مكان كان يلتقي فيه "انطونيو"و"شيلوك"كان "انطونيو"يعنفه ويوبخه، بل ويبصق عليه ويتهمه بقسوة القلب والاستغلال.وكان اليهودي يتحمل هذه المهانه، وفي الوقت نفسه كان يتحين أيه فرصة تسنح له للانتقام من "انطونيو". وكان جميع اهالي "البندقية"يحبون "انطونيو" ويحترمونه لما عرف عنه من كرم وشجاعة ،كما كان له أصدقاء كثي

قصيدة (الكِرْش.. بين مدح وذمّ!)

• الكِرْشُ مفخرةُ الرجالِ، سَمَوْا به ** وتوسَّدوه، ووسَّدوه عيالا • خِلٌّ وفيٌّ لا يخونُ خليلَهُ ** في الدرب تُبصِرُ صورةً وخيالا = = = = = - الكِرْشُ شيءٌ يا صديقُ مُقزِّزٌ ** وصف البهائم، لا تكنْ دجَّالا! - وكـ "واو" عمرٍو للصديق ملازمٌ ** قد أورَثَ الخِلَّ الوفيَّ ملالا! = = = = = • يا صاح ِ، إنّي قد رضيتُ مشورةً ** إنّ المشورة ليس تعدلُ مالا • مَن للعيال مُداعِبٌ ومُؤانِسٌ ** مَن غيرُه سيُأرجِحُ الأطفالا؟ • مَن لـ "المدام" إذا الوسادُ تحجَّرتْ ** يحنو عليها خِفَّةً ودلالا؟ • مَن للطعام إذا ملأتم سُفْرةً ** حمَلَ البقيَّةَ فوقه، ما مالا؟ • مَن تستعينُ به لإطرابِ الألى ** غنَّوْا، وطبَّلَ راقصًا ميَّالا؟ = = = = = - أضحكتني؛ إذ كان قولُك ماجنًا ** وظهرتَ لي مُتهتِّكًا مُحتالا! - لكنَّه عند التحقُّق عائقٌ ** وقتَ الجهاد يُقهقِرُ الأبطالا - إنَّ النحافة في الوغى محمودةٌ ** والكِرْشُ ذُمَّ حقيقةً ومقالا - إذ صاحبُ الكرش ِ العظيم ِ لُعابُه ** إنْ أبصرَ الأكلَ المُنمَّقَ سالا = = = = = • هَبْ أنَّ ما حدَّثتني به واقعٌ ** ما ضرَّه لو