التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الاديب المغربي صالح هشام يكتب قال الراوي

الاديب
المغربي
 صالح هشام
يكتب
قال الراوي ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~قصة قصيرة .ثمة حشود من الأفواه مفتوحة عن الآخر : ثقوب رصاص على حائط خرابة ، تميز منها السقف واللثة ،تقتحمها أسراب الذباب حرة طليقة ،عيونهم جاحظة توقفت رموشها عن الحركة. تلتهم الرجل تجرده من عباءته تكاد تتغلغل في تلافيف دماغه تعتصرها .لازال فيها ما تبقى من حكاية البارحة. دائرة غير منظمة مدحوة كالبيضة ،حركة عصافير تبحث عن مأوى هروبا من اجتياح العتمة . .الوجوه تتشابه و لا وجه يشبه الآخر ،وحده القادرعلى تمييزها، السحنة القمحية الجافة الموشومة ، تشي بتنافرهم في التفكير ووحدتهم في الوضع الاجتماعي،راقص عصاه ذات اليمين وذات الشمال عله يشد منهم الانتباه، وإن كان يعرف مسبقا أن فتح الكتاب يخنق في أنفسهم النفس .ترك جسده المتلحم يهوي فوق تلك الأريكة القديمة المتآكلة الجوانب: لم تكن لتتحمل ثقل مؤخرته المكتنزة ،يفتض صرير خشيباتها بكارة صمتهم ● أمال عش اللقلاق جهة اليمين، واستوى على عرشه الذي يغوص في أعماق الرموز والاساطير ● ييتجاوز مستوى الرؤوس ببضع سنتميرات ، يأخذ من تحت إبطه الأيمن كتابا قديما ، اصفرت اوراقه وتناثرت دون ترتيب، لم يكن يعير ه أدنى اهتمام ،نابت عنه ذاكرته في ذلك : كل لفة من دماغه بمئات الأوراق ،وكل ورقة بعشرات الأساطير والمعارك، حروفه اشبه بآثار وشم على ظهر يد قديمة ،●فتحه بتمهل وترو ، كأنه كنز من كنوز الأرض .رتب بعض الوريقات الشاردة هنا ، وهناك،لم تكن مرقمة ،او امحت بكثرة الاستعمال ،ربما الراحة القديمة أيضا تفقد بصماتها،لكن كل كلمة منها مفتاح لصفحة من صفحات كتابه الذي.تغلغلت سطوره في أعماقه منذ عشرات السنين !تمكن منهم الصمت : إلا تلك الصدور تعلو وتنخفض :عقارب ساعة مضبوطة تعد حركات الزمان اللامتناهي ،سعال مكتوم براحة اليد لضحية نزلة برد شديدة . إفراغ انف من مخاطه أو ابتلاعه حفاظا على هدوء المكان . لم يكن ذلك يعوق البداية .كلهم أرض عطشى تنتظر جرعة ماء. سحابة عابرة قد تمطر عندما تعز قطرة الماء .تتمدد الأعناق ، وتجحظ العيون من مآقيها وتبالغ الافواه في الانفتاح هذه المرة أكثر فأكثر*
-ياسادة يا كرام : البداية اليوم ، ستكون هي النهاية !
تعالت الأصوات:يا سيدنا عن اي نهاية تتكلم ونحن لم نبدأ بعد ؟!
-يا سادة :بداية اليوم هي نهاية البارحة أليس كذلك؟!
انتشلهم من عمق الفوضى و أ عاد مياه النهر الجامحة إلى سريرها.ساد هدوء ولفهم الصمت من جديد.تنفس عميقا تلاعب بشعيرات لحيته الثلجية ،مرر راحة يده من الناصية إلى أسفل الذقن وبحركات بطيئة متعمدة تعزف على أوثار
ضعفهم انشودة الشوق وتذكي فيهم حرقة السماع •يبسمل ويحمدل ويطيل هذا الاستهلال . لم يكونوا يرغبون في هذا الاستهلال الذي أصبح ينزل على آذانهم كالجلاميد ، فقد ألفوا سماعه لعشرات السنين، فلا بأس من حكاية بثراء دون تمطيط الوقت . فهذا الوقت الممطط حية سامة تعتصر قلوبهم ،وتخنق فيهم القوة على الصبر ! بصوت جهوري رنان محكم الأوثار ألفته هذه الحشود الغفيرة .
- يا سادة :في عمق ساحة الوغى و تحت صليل السيوف ، والرماح كأشطان بئر عميقة القرار ، وآثار النقع فوق الرؤوس ،ولمعان نصال الصوارم كبريق النجوم في ليلة صيفبة صافية تمكنت حشود فرسانهم من كبح جماح سيف أبي الفوارس ،وشل حركته فوق الأدهم ،فأصبح شيئا من أشيائهم وسيق أسيرا ضمن السبايا والغنائم تحت وابل من أشعارهم التي تغتال فيه الكبرياء وتلبسه عباءة الذل وتعفر وجهه في التراب .
- فقد أحدهم صبره وكانت الهزيمة شوك زقوم في حلقه لم يقو على ابتلاعه .صاح بكل ما أوتي من قوة :لا يا سيدنا هذا كذب هذا افتراء، ابو الفوارس لا يساق كالسبايا ،ولا يهزم ولا يؤسر لم تلد الدنيا كلها بعد من يقدر على أسره ، اسحب كلامك فأنا أشك في صحته!!.
-احس الراوي بزمام الأمور يتسرب من بين يديه كالماء يتسلل بين الأصابع ، و بامتعاض ملحوظ صاح: يا سيدي إن الحرب سجال ،يوم لك ويوم عليك ،فالغالب مغلوب والمغلوب غالب لا محالة وهذا هو قانون الحرب منذ أن وجد الإنسان نفسه مقحما في خضم الحروب والمعارك على وجه الارض.
-يا سيدنا :لا تقلها ، إلا أبا الفوارس فإنه عصي، قصي،متمنع عن الأسر . إياك أن تتراجع عن حبك لأبي الفوارس ،فإقرارك بأسره خيانة له و لحمزة البهلوان ،وللظاهر بيبرس ولأبي زيد الهلالي ولسيف دي يزن ،فما ألفناهم إلا متوجين بالنصر،فماذا دهاك اليوم يا سيدنا أتدري ما تقول أم أنك تهدي ،والهديان في حق هؤلاء يعتبر أكثر جرما من الجريمة نفسها !!
صاح الراوي يا سيدي : لا زلنا لم نبدأ بعد ، ربما سيأتيه الفرج ، سيخوض أتباعه المعركة ويتنزعون النصر من جديد ويفكون أسره ويوشحون هامته بدماء أعدائه.
عمت الفوضى تلك الساحة التي طوقتها الصناديق الإسمنتية من جهاتها الاربع ،وتعالى الصياح :أكمل، يا سيدنا ، أكمل، وسنرى ما ستؤول إليه أمور أبي الفوارس.فتحت قواميس الشتائم وتبادل شتى أنواع السباب .وأقسم صاحبنا برأس أمه وأبيه متوعدا ومهددا :
-لن تقرأ ولو سطرا واحدا من الحكاية وأبو الفوارس يرفل في سلاسل وقيود الأسر.فك يا سيدنا أسره . وبعد ذلك نتابع حكايتك المشؤومة ما رأيك ؟!
صاح آخر : ياهذا ما أبلدك ! ألا تدرك أن القفز على الأحداث ،يربك حركة الابطال ويخلط الامور ،ويضر بحبكة القصة ونفقد رأس الخيط ،ونتلف حركتهم وتضيع منا القصة بأكملها ؟!
-نتابعها، لكن بعدما تفكون أسر أبي الفوارس ،او تقرون بأن هذا مجرد افتراء وكذب !
تحول الشجار وتبادل الشتائم الى عراك بالأيدي، سالت فيه دماء البعض ،ووشمت الكدمات والرضوض كل الأجساد.استغل الراوي هذا التوتر و أغلق دفتي الكتاب وحمل أريكته وتسلل وسط جموع المتناحرين دون ان يلتفت خلفه ، اعترض سبيله احدهم وتمسك بتلابيبه قائلا :
-إلى أين يا سيدنا ،؟!
-إلى الجحيم يا ولدي ، إلى حيث أبو الفوارس!!
-لكننا لم نسمع منك حكاية اليوم بعد ؟!
-عندما تفكون أسر أبي الفوارس ! رويت لكم لكم كل حكايا ت الدنيا ،كل غرائب وعجائب الابطال. فمن سيحكي حكايتي أنا ؟! من سيروي غرائبي و عجائبي أنا الراوي ؟! و غاص في عمق أدغال من الأجساد المهرولة في عجلة من أمرها ●
○الاربعاء ....8 أبريل....2015 ........................................صالح هشام

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحلة فى أعماق شاعر : الشاعر إيليا أبو ماضى بقلم محسن الوردانى

الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى أحد أبرز شعراء المهجر فى القرن العشرين جاء إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة والتقى بالكاتب اللبنانى انطوان جميل ودعاه انطوان للكتابة فى مجلة الزهور فبدأ فى نشر قصائد بالمجلة . صدر له عام 1911 ديوان      تذكار الماضى هاجر عام 1912 الولايات المتحدة وأسس الرابطة القلمية  مع جبران خليل جبران وميخائيل نعمه توفى سنة 1957 يقول ايليا أبو ماضى فى قصيدته ليس السر في السنوات قل للذي أحصى السنين مفاخرا     يا صاح ليس السرّ في السنوات لكنه في المرء كيف يعيشها     في يقظة ، أم في عميق سبات قم عدّ آلاف السنين على الحصى     أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟ خير من الفلوات ، لا حدّ لها ،     روض أغنّ يقاس بالخطوات كن زهرة ، أو نغمة في زهرة،     فالمجد للأزهار والنغمات تمشي الشهور على الورود ضحوكة     وتنام في الأشواك مكتئبات وتموت ذي للعقم قبل مماتها     وتعيش تلك الدهر في ساعات تحصى على أهل الحياة دقائق     والدهر لا يحصى على الأموات ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ                       كالبيت مهجورا وكالمومات جعل السنين مجيدة وجميلة     ما في مطاويها من الحسنات وهنا يتحدث إيليا ابو ماضى

ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان

* ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان في مدينة فينيسا "البندقية" بإيطاليا، كان اليهودي الجشع"شيلوك" قد جمع ثروة طائلة من المال الحرام..فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش..وكانت مدينة البندقية في ذلك الوقت من أشهر المدن التجارية، ويعيش فيها تجار كثيرون من المسيحيين..من بينهم تاجر شاب اسمه"انطونيو". كان "انطونيو"ذا قلب طيب كريم..وكان لا يبخل على كل من يلجأ إليه للاقتراض دون ان يحصل من المقترض على ربا او فائدة.لذلك فقد كان اليهودي "شيلوك"يكرهه ويضمر له الشر بالرغم مما كان بيديه له من نفاق واحترام مفتعل. وفي اي مكان كان يلتقي فيه "انطونيو"و"شيلوك"كان "انطونيو"يعنفه ويوبخه، بل ويبصق عليه ويتهمه بقسوة القلب والاستغلال.وكان اليهودي يتحمل هذه المهانه، وفي الوقت نفسه كان يتحين أيه فرصة تسنح له للانتقام من "انطونيو". وكان جميع اهالي "البندقية"يحبون "انطونيو" ويحترمونه لما عرف عنه من كرم وشجاعة ،كما كان له أصدقاء كثي

قصيدة (الكِرْش.. بين مدح وذمّ!)

• الكِرْشُ مفخرةُ الرجالِ، سَمَوْا به ** وتوسَّدوه، ووسَّدوه عيالا • خِلٌّ وفيٌّ لا يخونُ خليلَهُ ** في الدرب تُبصِرُ صورةً وخيالا = = = = = - الكِرْشُ شيءٌ يا صديقُ مُقزِّزٌ ** وصف البهائم، لا تكنْ دجَّالا! - وكـ "واو" عمرٍو للصديق ملازمٌ ** قد أورَثَ الخِلَّ الوفيَّ ملالا! = = = = = • يا صاح ِ، إنّي قد رضيتُ مشورةً ** إنّ المشورة ليس تعدلُ مالا • مَن للعيال مُداعِبٌ ومُؤانِسٌ ** مَن غيرُه سيُأرجِحُ الأطفالا؟ • مَن لـ "المدام" إذا الوسادُ تحجَّرتْ ** يحنو عليها خِفَّةً ودلالا؟ • مَن للطعام إذا ملأتم سُفْرةً ** حمَلَ البقيَّةَ فوقه، ما مالا؟ • مَن تستعينُ به لإطرابِ الألى ** غنَّوْا، وطبَّلَ راقصًا ميَّالا؟ = = = = = - أضحكتني؛ إذ كان قولُك ماجنًا ** وظهرتَ لي مُتهتِّكًا مُحتالا! - لكنَّه عند التحقُّق عائقٌ ** وقتَ الجهاد يُقهقِرُ الأبطالا - إنَّ النحافة في الوغى محمودةٌ ** والكِرْشُ ذُمَّ حقيقةً ومقالا - إذ صاحبُ الكرش ِ العظيم ِ لُعابُه ** إنْ أبصرَ الأكلَ المُنمَّقَ سالا = = = = = • هَبْ أنَّ ما حدَّثتني به واقعٌ ** ما ضرَّه لو