--- القرائح الميميّة في النّصائح السَّنِيّة ---
---------------------------------------
1 - بسم الإله أقول إذ أتكلّمُ --- والله ربي واحد متنعّمُ
2 - ثم الصّلاة على النّبيّ محمّد --- وبها لساني في الهوى يترنّم
3 - والتابعين ومنْ يقول بقولهم --- أيضا أصلّي عنهمُ وأسلّم
4 - وأقول أمّا بعد إنّي ناظم --- حِكَمًا ترى فيها الهدى يتوسّم
5 - للمبتدي تدني قطوفا ذلّلت --- منها ينال العلم منْ هو معدم
6 - قيّدتها بالنّظم أبغي حصرها --- والنّظم أسهل للذي يتعلّم
7 - وأقول عند البدء يا ربّ العلى --- يا منْ عليّ بفضله يتكرّم
8 - إنّي سالتك أن تنير بصيرتي --- يا ربّنا أنت الكريم المنعم
9 - فاسمع أخي قولي ورتّب نظمه --- فإذا فعلت فنيله ستمّم
10 - كن للمكارم طالبا ومواظبا --- أحلى سجايا طيبها يتنسّم
11 - ايّاك والكذب الوخيم ولا تكن --- ممّن يواكب فِعلَ فِعلٍ يَحرُم
12 - واصدق حديثك في المواطن كلها --- والصدق يكبر في النفوس ويَعظم
13 - وانظر صلاتك أدّها في وقتها --- واسبغ وضوئك حسنه يتحتّم
14 - وآقرأ لقرآن اتى من ربنا --- بتدبّر وتفكّر يا مسلم
15 - واذكر لربك واجتهد في ذكره --- والذكر رَوْحٌ للقلوب يقوّم
16 - فالقلب يروى عند ذكر الهنا --- وكذاك روحك بالسعادة تنعم
17 - واطع لربك في امورك كلها --- فإذا فعلت أتاك رَوْحٌ بلسم
18 - لا تستعن الا بربك يا فتى --- حتى تراك الى السعادة تفهم
19 - لا تمنعنْ خيرا على أصحابه --- بالمال جد والغيظ حتما تكظم
20 - والمال يستر للعيوب جميعها --- أمّا البخيل تَرى يعاب ويسأم
21 - قسّ ابن ساعدة الإيادي (1) يا فتى --- إنْ كان منْ مال المعيشة معدم
22 - فهو الفهيه ابن الفهيه وإنّه --- لأخو الفهاهة بالفهاهة ملجم
23 - سحبان وائل (2) عند فقره باقل (3) --- وكذاك باقل بالغنى متقدّم
24 - فاعرف لنفسك واعلمنّ بأنّه --- عرفان نفسك في حياتك أسلم
25 - واعلم بأنّ الله ينزل فضله --- لا تحسدنّ ولا تُرى تستلئم
26 - والله يرزق للعباد بحكمة --- فآعلم هُديت ولا تقل ما يَحرم
27 - ايّاك والأمل الطويل فإنه --- حرص به تطغى النفوس وتظلم
28 - قد قال ربي عند سورة (زخرف ) "نحن قسمنا"(4) والمعارض يسأم
29 - انّ الدّنا دنيا ومن عاداتها --- فيها الأديب وقد علاه المنسم
30 - فيها الجهول وقد تنعّم حاله --- وبماله شرف له متقدّم
31 - لا المال لا الأنساب ترفع حالنا --- يوم القيامة يومه مستلزم
32 - ان جار اهلك والزمان بموطن --- فكن الذي عند المكاره يحلم
33 - لا تظلمنْ فالظلم داء مظلم --- بالحلم تُرفع في النفوس وتَعظم
34 - امّا الشّرور فلا يدوم وانه --- في جنة الخلد السعادة تضخم
35 - فاذا تنكّر في المودّة صاحب --- فآستر فعاله لا تُرى تستذمم
36 - وآذكر لميعاد الحصاد وحاله --- إيّاك والمحصول شوك مؤلم
37 - جمّل لوجهك في حياتك كلها --- بالبشر إنه خير ما يَتقدّم
38 - كن صاحبا للرفق واعرف قدره -هذا الحديث روى صحيحه مسلم (5)
39 - لا تشركنْ بالله ربك وآعتبر --- فالشّرك يطمس للقلوب ويُسقم
40 - مـذ جئت هذا الكون كنت موحّدا --- بالفطرة السمحاء قلبك مُلهم
41 - حـتى كبرت وشبّ عودك يانعا --- منْ فضل ربّك إنّه متنعّم
42 - مـاذا جنيت منَ المعاصي والهوى --- الاّ ضياع في الهدى متهشّم
43 – دع عنك ما يُشقي لعيشك إنّه --- في هذه الدنيا سواد مظلم
44 - هـذا الهدى يهدي ويسعد دائما --- هذا كلام بالحقيقة محكم
45 – شاهد عرى الإيمان وآعلم انها --- تهدي الأصمّ ويشتهيها الأبكم
46 – انّ المصالح للأنام جميعها --- في قول ربّ ماجد يترّحم
47 - مـا قول منْ هجر القُرَانَ بحجّة --- أو قول منْ طمس الحقيقة يُفهم
48 - خـذ من حياتك كل طهر إنه --- لا طهر في كذب أتى يتهجّم
49 - لـا تتّخذ منْ رقّ دينه أسوة --- واسمع نصيحة شاعر ومعلّم
50 - يـرقى اللبيب بنور عقله ساطعا --- وتراه في معراجه يترنّم
51 - فـي باطن القلب السليم عقيدة --- منْ يعتبر في قلبه يتنعّم
52 - يـا صاحبي كن للحقيقة طالبا --- حتى تحيطك بالسّعادة أنعم
53 - غـفر الاله الى المسيء وإنّه --- ربّ كريم غافر متكرّم
54 - فـآربأ بنفسك لا تُرى في غفلة --- عن أمر ربّك إنّ ذلك أسلم
55 – راقب لقولك طول دهرك يا فتى --- واجعل كلامك بالحقيقة معلم
56 – اقبل على حسن الفعال كما ترى --- نار الضيافة بالمكارم تضرم
57 - لـا تتّخذ في دين ربّك عالما --- وتقرئننّ كتابه وتعظّم
58 - لـا تقتلنّ لمسلم ومعاهد --- وآعلم هديت بأنّ ذلك يَحرم
59 - هـذا بيان جائنا متواتر--- ما حاد عنه معلّم ومقوّم
60 - لـيس الذي يمسي يكفّر مسلما --- الّا جهول والجهالة تُسقم
61 - هـل شرع أحمد غير رحمة ربنا --- بأمانة وطهارة تستلزم
62 – وآذكر لقول قد أتى منْ أحمد --- في حجّة التّوديع (6) قول مبرم
63 - لـا ترجعوا بعدي لحمل سيوفكم --- لقتال بعضكم لبعض تسلموا
64 – ولقد تركت لكم هداية أمركم --- فتعهّدوا الوحيين(7)حقّا تغنموا
65 – انّ الذي يشقى بدار إقامة --- منْ يستحلّ قتال قوم أسلموا
66 - لـا تبتئس من قولهم وفعالهم --- انّ العدالة للمظالم تهدم
67 – داع أتى منْ ربّنا برسالة (8) --- سمحاء طهرًا عَرفها يتنسّم
68 - يـا مسلما سلّم لأمر الهنا --- فإذا فعلت منَ الضّلالة تَسلم
69 - هـذا الهدى هدي النّفوس وطبّها --- ما انْ تجد فيه التباس مبهم
70 – وابحث لدى فقه الخلاف (9) فإنه --- عند المقارنة الأصول تقوّم
71 - لـا تركننّ لظاهر ومظاهر --- انّ المظاهر للحقيقة تهشم
72 - مـا كلّ منْ صعد المنابر فاضل --- أو كلّ منْ أمّ الجماعة يُكرم
73 - ناس لهم فتوى بفرض عمامة - واللحية المعفاة فرض أعظم
74 - عـابوا لتحسير الرّؤوس وحاربوا --- حلق اللّحى حربا ضروسا أدْوم
75 - لـا يسردون من الأدلّة حجّة --- وهمو الغباوة عند منْ يتوسّم
76 - مـا حالهم عند الحقيقة كلّها --- الا كحال جهالة تُستذمم
77 - هـلكوا وفي بحر الرّشاد تبلّدوا --- وزعيمهم في الغيّ لا يتندّم
78 – ونسوا لما قال الرّسول محمّد --- هلك الذين تنطّعوا (10) وتأثّموا
79 - لـا تلق من عبد الإله توغّلا (11) --- الا جهولا عنْ قريب يسأم
80 - لـلاعتدال فكن محبّا داعيا --- ثم استقمْ والاستقامة أقوم
81 - مـا خاب منْ قرأ العلوم محبّة --- والجهل للإنسان مرّ علقم
82 - سـلّم لما اختار الإله ولا تكن --- أغبى وأحمق منْ جهول يَنعم
83 - لـا تعترض عنْ حكم ربّك ساخطا --- وآعرف حقيقة حكمه تستسلم
84 - مـنْ ذا الذي حاز الكمال جميعه --- منْ سائر الخلق الذّين تقدّموا
85 - يـأبى التّقيّ بأنْ يُرى في حرصه --- انّ الحريص لدى القيامة يُذمم
86 - نـور الهداية ما يخالط عاصيّا --- الا اهتدى شمسا وليل مظلم
87 – والله يهدي منْ يشاء لدينه --- وهداية الرّحمان ليست تُعلم
88 – اخفى الاله لحكمة سبحانه --- حُسن الختام وسوء ختْم مُبهم
89 - لـا تضربنّ حياة دهرك زوجة --- وكنِ الحليم لدى الخصومة يَحلم
90 - مـنْ لازم الوعظ الرشيد ونوره --- أمسى له عقد الرّشاد مُنظّم
91 – سـائل بخاري هل أتى بصحيحه --- فترى صحيح حديثه يتكلّم
92 - لـا يجلدنْ رجل لزوجه مثلما (12) --- يجلدْ لفحلٍ في الفلاة ويكْلم
93 – مـا كان منْ شيم الشريعة عندنا --- هجر يزيد على ثلاث (13) يَحرم
94 – انّ اللبيب بنفسه متشاغل --- عنْ نفس غيره والعداوة يكظم
95 - تـرقى به عند الصّباح فضائل --- وتراه في الإمساء لا يتندّم
96 – اعط حقوق الوالدين فريضة --- باء وراء(14) أجره يتحتّم
97 - لـا تهلكنّ معاندا ومجادلا --- أمسك لسانك عنْ مراء يضرم
98 – احسن لجارك ولتكن له مخلصا --- إياك انْ يغويك فرْج أو فم (15)
99 - حسن الجوار له حديث شامل - قد خرّج الاسناد حقّا مسلم (16)
100 - يـأبى الكريم الى الجوار إسائة --- وأخو الهداية منْ يغاظ فيكظم
101 – اطرد الى المغتاب لا تحفل به --- وكذلك النّمّام فيما تَعلم
102 – إصحب منَ الاخوان كلّ مقوّم --- للحادثات وللنوائب يفهم
103 - مـا إن تزلّ بريبة او غفلة --- الاّ وأعطاك الذي يستلزم
104 - نـور المحبّة في القلوب بريقها --- إنّ المحبّة صاحب لا يسأم
105 - هـذا بيان قد نظمت كلامه --- نثرتْ عليه جمالهنّ الأنجم
106 - مـنْ يستمع قولي ويفهم مقصدي --- يحزنْ لحال الأغبياء ويرحم
107 – والله يعلم ما نويت وإنّه --- ربّ البريّة غافر متنعّم
108 – انهي نظامي في وصيّة مشفق --- فعسى اراني للنصيحة أرسم
109 - لـا تنظر الأخطاء فيها ولتكنْ --- عن عيبها عند القراءة تحلم
110 – ابياتها مائة تزيد لأربعٍ --- منْ بعد عشر حسنها يتكلّم
111 - مـنْ خالقي أبغي المعونة والهدى --- وعلى النّبيّ مصليّا وأسلّم
112 – والله أسأله طهارة قصدها --- منْ كلّ فخر أو رياء يظلم
113 – انّي فقير للدّعاء أحبّتي --- ودعاء ظهر الغيب ذخر أدْوم
114 - تـمّت بعون الله ثمّ بفضله --- رقّت معانيها بمسكٍ تُختم
---
بحر الكامل
شعر : محمّد هشام خليفي
وهذا شرحها بارك الله فيك ولك وبك :
الشّرح :
1 - قُسُّ بن ساعدة الإيادي. "نسبه إلى قبيلة إياد" من حكماء العرب قبل الإسلام. توفي حوالي عام 600م الموافق 23 قبل الهجرة. روى الطبري أن رسول الله قال: "رحم الله قسا! إنه كان على دين أبي إسماعيل بن إبراهيم". رآه النبي قبيل البعثة يخطب في الناس في سوق عكاظ. وذكر كل من ابن كثير في البداية والنهاية، والمسعودي في مروج الذهب أن رسول الله سأل عنه وفد إياد يوم فتح مكة فأخبروه أنه مات، ثم إنه روى لهم كيف رآه في سوق عكاظ قبل البعثة النبوية ثم سرد لهم خطبته يومذاك، وترحّم عليه: «يُبعثُ يوم القيامة أمةً وَحَده.»
2 – سحبان وائل رضي الله عنه هو سحبان بن زفر بن إياس الوائلي، وائل باهلة، فصيح العرب، وخطيب يضرب به المثل في البيان والفصاحة، فكانوا إذا أرادوا مدح إنسان بذلك قالوا: «هو أخطب أو أبلغ أو أفصح من سحبان وائل» أدرك الجاهلية، وأسلم، وهو أوّل من قال: أمّا بعد، وأوّل من آمن بالبعث من الجاهلية، وأوّل من توكّأ على عصا، مات سنة أربع وخمسين، وحكى الأصمعيّ قال: كان إذا خطب يسيل عرقا، ولا يعيد كلمة، ولا يتوقّف، ولا يقعد حتّى يفرغ، وممّا روي من خطبه البليغة قوله:
«إنّ الدّنيا دار بلاغ، والآخرة دار قرار، أيّها النّاس فخذوا من دار ممرّكم، لدار مقرّكم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، وأخرجوا من الدّنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، ففيها حييتم، و لغيرها خلقتم، إنّ الرجل إذا هلك، قال الناس: ما ترك؟ وقالت الملائكة: ما قدّم؟ قدّموا بعضًا يكون لكم ، ولا تخلفوا كلاًّ يكون عليكم»
3 - باقل العرب هو رجل يُضرب به المثل في العيّ ، قيل أن أمه كانت تعلمه طوال النهار اسمه و حين يحلّ المساء ينساه مجدداً.. حتى لجأت في النهاية إلى وضع قلادة في رقبته مكتوب عليها اسمه .. و في يوم ما .. نام و هو يضعها و حين استيقظ وجد أخوه يلبسها فقال له: ( أنت أنا فمن أكون أنا ؟؟! ) و يُحكى أيضاً أنه اشترى مرة ظبياً حيّاً بأحد عشر درهماً و سُئل : بكم اشتريته ؟ فأشار بأصابعه العشرة و مدّ لسانه ليشير إلى العدد أحد عشر .. فهرب الظبي منه لما أفلته و ضاع .. و من هنا .. عرف باقل بأنه أعيا العرب و ضُرب به المثل بالعي و البلادة و الغباء.
4 – اشرت هنا الى قوله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: " أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ " . ( سورة الزخرف الاية 32)
5 – اشرت الى حديث في صحيح مسلم من رواية ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها :
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ " . حَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، سَمِعْتُ الْمِقْدَامَ بْنَ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ ، رَكِبَتْ عَائِشَةُ بَعِيرًا ، فَكَانَتْ فِيهِ صُعُوبَةٌ فَجَعَلَتْ تُرَدِّدُهُ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِهِ .( حديث صحيح رواه الامام مسلم في صحيحه ).
6 – حجّة الوداع .
7 – اشرت الى بعض ما جاء في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وذلك في قوله عليه الصلاة والسلام : عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ((استنصتِ الناسَ))، ثم قال: ((لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضُكم رقاب بعضٍ)).
ثم اشرت كذلك لما رواه مالك في الموطأ مرسلا والحاكم في المستدرك على الصحيحين مسندا وصحّحه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما ما تمسكتم بهما، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرّقا حتى يردا على الحوض.
8 – داع اتى من ربّنا برسالة . هو رسول الله صلى الله عليه وسلم دعانا الى الإسلام .
9 – فقه الخلاف هو الفقه المقارن . أورد الشاطبي في الموافقات عند باب الاجتهاد قال : قال هشام بن عبيد الله الرازي : من لم يعرف اختلاف القراءة فليس بقارئ ، ومن لم يعرف اختلاف الفقهاء فليس بفقيه . وعن عطاء : لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس حتى يكون عالما باختلاف الناس; فإنه إن لم يكن كذلك رد من العلم ما هو أوثق من الذي في يديه . وعن أيوب السختياني وابن عيينة : أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما باختلاف العلماء ، زاد أيوب : وأمسك الناس عن الفتيا أعلمهم باختلاف العلماء .
10 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ . قَالَهَا ثَلَاثًا ) رواه مسلم في صحيحه, وللعلماء في تفسير " التنطع " و " المتنطعين " عبارات كثيرة ، تتوافق ولا تتعارض ، وكلها تجتمع في معنى واحد ، يرجع إلى التكلف والتشدد فيما لا ينبغي وفي غير موضعه الصحيح. ومن هذه المعاني الغلو في العبادة والمعاملة ، بحيث يؤدي إلى المشقة الزائدة ، والشريعة لم تأمر إلا بما فيه يسر وسماحة ، ونهت عن التشدد في الدين ، وصور الغلو التي أحدثها الناس في الدين وعدها العلماء من التنطع لا تكاد تحصى بعدد . يقول النووي في " كتابه الاعجوبة الموسوم بالمنهاج في شرح صحيح مسلم ابن الحجاج: " أي : المتعمقون ، الغالون ، المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم.
11 – اشرت لحديث في مسند الامام احمد وفي سنن البيهقي في رتبة الحسن يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم :
"إن هذا الدين متين" أي: صلب شديد، فأوغلوا: أي سيروا فيه برفق، ولا تحملوا على أنفسكم ما لا تطيقونه، فتعجزوا وتتركوا العمل.
وقال الغزالي: أراد بذلك أن لا يكلف نفسه في أعماله الدينية ما يخالف العادة، بل يكون بتلطف وتدريج، فلا ينتقل دفعة واحدة إلى الطريق الأقصى في التبدل، فإن الطبع نفور، ولا يمكن نقله عن أخلاقه الرديئة إلا شيئا فشيئا حتى تنفصم الأخلاق المذمومة الراسخة فيه، ومن لم يراع التدريج وتوغل دفعة واحدة، ترقى إلى حالة تشق عليه فتنعكس أموره فيصير ما كان محبوبا عنده ممقوتا، وما كان مكروها عنده مشربا هنيئا لا ينفر عنه. والمنبتُّ هو الذي انقطع به السير في السفر وعطلت راحلته ولم يقض وطره، فلا هو قطع الأرض التي أراد، ولا هو أبقى ظهره، أي دابته التي يركبها لينتفع بها فيما بعد. وهكذا من تكلف من العبادة ما لا يطيق، ربما يملُّ ويسأم، فينقطع عما كان يعمله.
12 – رمزت لحديث النبيّ صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري عن عبد الله بن زمعة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يجلد احدم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم . وفي رواية ضرب الفحل أي البعير .
13 – " هجر يزيد على ثلاث يحرم " استوحيته من الحديث المشهور الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النّهي عن هجر المسلم لاخيه المسلم فوق ثلاثة أيام وفيه من التّغليظ والتحريم ما غفل عنه اغلب الناس اليوم , وهذا نص الحديث باسناده ودرجته واقوال الحفّاظ فيه : روى البخاري في صحيحه ، ومسلم في صحيحه عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا ، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ ) .
وروى أبو داود (4914) ، وأحمد (9092) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ ) .قال الحافظ العراقي رحمه الله في " تخريج احاديث احياء علوم الدين للغزالي رحمهم الله اجمعين :" أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِإِسْنَاد صَحِيح " .وقال النووي رحمه الله في "رياض الصالحين" (ص 433):
" رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط البخاري ومسلم " .
14 – باء وراء ( برّ ) الوالدين .
15 – قلت ( محمد هشام خليفي ): احسن لجارك ولتكن له مخلصا --- إياك انْ يغويك فرْج أو فم
عن عبدالله بن مسعودٍ: قال رجلٌ: يا رسول الله، أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: ((أن تدعو لله ندًّا وهو خلَقك))، قال: ثم أي؟ قال: ((أن تقتل ولدَك مخافة أن يطعَمَ معك))، قال: ثم أي؟ قال: ((أن تزانيَ حليلة جارك))، فأنزل الله عز وجل تصديقها: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴾ [الفرقان: 68]، حديث صحيح متفق عليه .
فاعلم اخي هداني الله واياك ان مفسدة الزنا تتضاعف بتضاعف ما ينتهكه من الحرمة ، فالزنا بالمرأة التي لها زوج أعظم إثما وعقوبة من التي لا زوج لها إذ فيه انتهاك حرمة الزوج وإفساد فراشه ، وتعليق نسب غيره عليه ، وغير ذلك من أنواع أذاه ، فهو أعظم إثما وجرما من الزنا بغير ذات البعل . فإن كان زوجها جارا له ، انضاف إلى ذلك سوء الجوار أورد ذلك صاحب موارد الضمان وقد سئل رسول الله صلى الله عليه عندما قال له بعض أصحابه يا رسول الله : أي الذنب أعظم فذكر الشرك ثم القتل ثم الزنا بحليلة الجار ، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : مسلم الإيمان (46) ، أحمد (2/373). لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه . ولا بائقة أعظم من الزنا بامرأته فإن كان الجار أخا أو قريبا من أقاربه انضم إلى ذلك قطيعة الرحم فيتضاعف الإثم ، فإن كان الجار غائبا في طاعة الله كالصلاة وطلب العلم والجهاد تضاعف الإثم . حتى إن الزاني بامرأة الغازي في سبيل الله يوقف له يوم القيامة ويقال خذ من حسناته ما شئت ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : مسلم الإمارة (1897) ، النسائي الجهاد (3191) ، أبو داود الجهاد (2496) ، أحمد (5/355). ما ظنكم ؟ أن يترك له من حسنات قد - ص 43 - حكم في أن يأخذ منها ما شاء على شدة الحاجة إلى حسنة واحدة حيث لا يترك الأب لابنه ولا الصديق لصديقه حقا يجب عليه . فإذا اتفق أن تكون المرأة حليلة جاره رحما منه انضم إلى ذلك قطيعة رحمها ، فإن اتفق أن يكون الزاني محصنا ، كان الإثم أعظم ، فإن كان شيخا كان أعظم إثما وهو أحد الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم فإن اقترن وقوعه في شهر حرام ، أو بلد حرام أو وقت معظم عند الله كأوقات الصلوات وأوقات الإجابة تضاعف الإثم والعقوبة ، والله المستعان .
16 – حديث الحثّ على حسن معاملة الجار ورد بطرق مختلفة وروايات عديدة كلها صحيحة باسناد كالشمس لا مغمز فيه ولا سبيل للطعن في رجاله وكل الروايات من طريق الصّدّيقة بنت الصّدّيق حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّنا الغالية عائشة بنت ابي بكر رضي الله عنهما ومن طريق عبد الله بن امير المؤمنين الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما وقد ورد كالاتي : عن عائشة - رضي الله عنها - وابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم : ما زال جبريل ) تقدم فيه أربع قراءات ( يوصيني بالجار ) أي : يأمرني بحفظ حقه من الإحسان إليه ودفع الأذى عنه ( حتى ظننت أنه ) أي : جبريل ( سيورثه ) أي : الجار ، وهو بتشديد الراء ويجوز تخفيفه على ما في القاموس ، ورث أباه ومنه بكسر الراء يرثه كيعده وأورثه جعله من ورثته أي : سيشركه جبريل في الميراث ، كما قال شارح ، والمعنى : أنه يحكم بميراث أحد الجارين من الآخر ( متفق عليه ) قال المنذري : ورواه الترمذي أيضا من حديثهما ، ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث عائشة وحدها ، وابن ماجه أيضا وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة ، ذكره ميرك . وفي الجامع الصغير : رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن ابن عمر ، ورواه أحمد والشيخان والأربعة عن عائشة ، ورواه البيهقي بسند حسن من حديث عائشة بلفظ : " ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه يورثه ، وما زال يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه يضرب له أجلا أو وقتا إذا بلغه عتق " .
---
أسال الله العلي العظيم ان يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم , والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآل بيته الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين .
---------------------------------------
1 - بسم الإله أقول إذ أتكلّمُ --- والله ربي واحد متنعّمُ
2 - ثم الصّلاة على النّبيّ محمّد --- وبها لساني في الهوى يترنّم
3 - والتابعين ومنْ يقول بقولهم --- أيضا أصلّي عنهمُ وأسلّم
4 - وأقول أمّا بعد إنّي ناظم --- حِكَمًا ترى فيها الهدى يتوسّم
5 - للمبتدي تدني قطوفا ذلّلت --- منها ينال العلم منْ هو معدم
6 - قيّدتها بالنّظم أبغي حصرها --- والنّظم أسهل للذي يتعلّم
7 - وأقول عند البدء يا ربّ العلى --- يا منْ عليّ بفضله يتكرّم
8 - إنّي سالتك أن تنير بصيرتي --- يا ربّنا أنت الكريم المنعم
9 - فاسمع أخي قولي ورتّب نظمه --- فإذا فعلت فنيله ستمّم
10 - كن للمكارم طالبا ومواظبا --- أحلى سجايا طيبها يتنسّم
11 - ايّاك والكذب الوخيم ولا تكن --- ممّن يواكب فِعلَ فِعلٍ يَحرُم
12 - واصدق حديثك في المواطن كلها --- والصدق يكبر في النفوس ويَعظم
13 - وانظر صلاتك أدّها في وقتها --- واسبغ وضوئك حسنه يتحتّم
14 - وآقرأ لقرآن اتى من ربنا --- بتدبّر وتفكّر يا مسلم
15 - واذكر لربك واجتهد في ذكره --- والذكر رَوْحٌ للقلوب يقوّم
16 - فالقلب يروى عند ذكر الهنا --- وكذاك روحك بالسعادة تنعم
17 - واطع لربك في امورك كلها --- فإذا فعلت أتاك رَوْحٌ بلسم
18 - لا تستعن الا بربك يا فتى --- حتى تراك الى السعادة تفهم
19 - لا تمنعنْ خيرا على أصحابه --- بالمال جد والغيظ حتما تكظم
20 - والمال يستر للعيوب جميعها --- أمّا البخيل تَرى يعاب ويسأم
21 - قسّ ابن ساعدة الإيادي (1) يا فتى --- إنْ كان منْ مال المعيشة معدم
22 - فهو الفهيه ابن الفهيه وإنّه --- لأخو الفهاهة بالفهاهة ملجم
23 - سحبان وائل (2) عند فقره باقل (3) --- وكذاك باقل بالغنى متقدّم
24 - فاعرف لنفسك واعلمنّ بأنّه --- عرفان نفسك في حياتك أسلم
25 - واعلم بأنّ الله ينزل فضله --- لا تحسدنّ ولا تُرى تستلئم
26 - والله يرزق للعباد بحكمة --- فآعلم هُديت ولا تقل ما يَحرم
27 - ايّاك والأمل الطويل فإنه --- حرص به تطغى النفوس وتظلم
28 - قد قال ربي عند سورة (زخرف ) "نحن قسمنا"(4) والمعارض يسأم
29 - انّ الدّنا دنيا ومن عاداتها --- فيها الأديب وقد علاه المنسم
30 - فيها الجهول وقد تنعّم حاله --- وبماله شرف له متقدّم
31 - لا المال لا الأنساب ترفع حالنا --- يوم القيامة يومه مستلزم
32 - ان جار اهلك والزمان بموطن --- فكن الذي عند المكاره يحلم
33 - لا تظلمنْ فالظلم داء مظلم --- بالحلم تُرفع في النفوس وتَعظم
34 - امّا الشّرور فلا يدوم وانه --- في جنة الخلد السعادة تضخم
35 - فاذا تنكّر في المودّة صاحب --- فآستر فعاله لا تُرى تستذمم
36 - وآذكر لميعاد الحصاد وحاله --- إيّاك والمحصول شوك مؤلم
37 - جمّل لوجهك في حياتك كلها --- بالبشر إنه خير ما يَتقدّم
38 - كن صاحبا للرفق واعرف قدره -هذا الحديث روى صحيحه مسلم (5)
39 - لا تشركنْ بالله ربك وآعتبر --- فالشّرك يطمس للقلوب ويُسقم
40 - مـذ جئت هذا الكون كنت موحّدا --- بالفطرة السمحاء قلبك مُلهم
41 - حـتى كبرت وشبّ عودك يانعا --- منْ فضل ربّك إنّه متنعّم
42 - مـاذا جنيت منَ المعاصي والهوى --- الاّ ضياع في الهدى متهشّم
43 – دع عنك ما يُشقي لعيشك إنّه --- في هذه الدنيا سواد مظلم
44 - هـذا الهدى يهدي ويسعد دائما --- هذا كلام بالحقيقة محكم
45 – شاهد عرى الإيمان وآعلم انها --- تهدي الأصمّ ويشتهيها الأبكم
46 – انّ المصالح للأنام جميعها --- في قول ربّ ماجد يترّحم
47 - مـا قول منْ هجر القُرَانَ بحجّة --- أو قول منْ طمس الحقيقة يُفهم
48 - خـذ من حياتك كل طهر إنه --- لا طهر في كذب أتى يتهجّم
49 - لـا تتّخذ منْ رقّ دينه أسوة --- واسمع نصيحة شاعر ومعلّم
50 - يـرقى اللبيب بنور عقله ساطعا --- وتراه في معراجه يترنّم
51 - فـي باطن القلب السليم عقيدة --- منْ يعتبر في قلبه يتنعّم
52 - يـا صاحبي كن للحقيقة طالبا --- حتى تحيطك بالسّعادة أنعم
53 - غـفر الاله الى المسيء وإنّه --- ربّ كريم غافر متكرّم
54 - فـآربأ بنفسك لا تُرى في غفلة --- عن أمر ربّك إنّ ذلك أسلم
55 – راقب لقولك طول دهرك يا فتى --- واجعل كلامك بالحقيقة معلم
56 – اقبل على حسن الفعال كما ترى --- نار الضيافة بالمكارم تضرم
57 - لـا تتّخذ في دين ربّك عالما --- وتقرئننّ كتابه وتعظّم
58 - لـا تقتلنّ لمسلم ومعاهد --- وآعلم هديت بأنّ ذلك يَحرم
59 - هـذا بيان جائنا متواتر--- ما حاد عنه معلّم ومقوّم
60 - لـيس الذي يمسي يكفّر مسلما --- الّا جهول والجهالة تُسقم
61 - هـل شرع أحمد غير رحمة ربنا --- بأمانة وطهارة تستلزم
62 – وآذكر لقول قد أتى منْ أحمد --- في حجّة التّوديع (6) قول مبرم
63 - لـا ترجعوا بعدي لحمل سيوفكم --- لقتال بعضكم لبعض تسلموا
64 – ولقد تركت لكم هداية أمركم --- فتعهّدوا الوحيين(7)حقّا تغنموا
65 – انّ الذي يشقى بدار إقامة --- منْ يستحلّ قتال قوم أسلموا
66 - لـا تبتئس من قولهم وفعالهم --- انّ العدالة للمظالم تهدم
67 – داع أتى منْ ربّنا برسالة (8) --- سمحاء طهرًا عَرفها يتنسّم
68 - يـا مسلما سلّم لأمر الهنا --- فإذا فعلت منَ الضّلالة تَسلم
69 - هـذا الهدى هدي النّفوس وطبّها --- ما انْ تجد فيه التباس مبهم
70 – وابحث لدى فقه الخلاف (9) فإنه --- عند المقارنة الأصول تقوّم
71 - لـا تركننّ لظاهر ومظاهر --- انّ المظاهر للحقيقة تهشم
72 - مـا كلّ منْ صعد المنابر فاضل --- أو كلّ منْ أمّ الجماعة يُكرم
73 - ناس لهم فتوى بفرض عمامة - واللحية المعفاة فرض أعظم
74 - عـابوا لتحسير الرّؤوس وحاربوا --- حلق اللّحى حربا ضروسا أدْوم
75 - لـا يسردون من الأدلّة حجّة --- وهمو الغباوة عند منْ يتوسّم
76 - مـا حالهم عند الحقيقة كلّها --- الا كحال جهالة تُستذمم
77 - هـلكوا وفي بحر الرّشاد تبلّدوا --- وزعيمهم في الغيّ لا يتندّم
78 – ونسوا لما قال الرّسول محمّد --- هلك الذين تنطّعوا (10) وتأثّموا
79 - لـا تلق من عبد الإله توغّلا (11) --- الا جهولا عنْ قريب يسأم
80 - لـلاعتدال فكن محبّا داعيا --- ثم استقمْ والاستقامة أقوم
81 - مـا خاب منْ قرأ العلوم محبّة --- والجهل للإنسان مرّ علقم
82 - سـلّم لما اختار الإله ولا تكن --- أغبى وأحمق منْ جهول يَنعم
83 - لـا تعترض عنْ حكم ربّك ساخطا --- وآعرف حقيقة حكمه تستسلم
84 - مـنْ ذا الذي حاز الكمال جميعه --- منْ سائر الخلق الذّين تقدّموا
85 - يـأبى التّقيّ بأنْ يُرى في حرصه --- انّ الحريص لدى القيامة يُذمم
86 - نـور الهداية ما يخالط عاصيّا --- الا اهتدى شمسا وليل مظلم
87 – والله يهدي منْ يشاء لدينه --- وهداية الرّحمان ليست تُعلم
88 – اخفى الاله لحكمة سبحانه --- حُسن الختام وسوء ختْم مُبهم
89 - لـا تضربنّ حياة دهرك زوجة --- وكنِ الحليم لدى الخصومة يَحلم
90 - مـنْ لازم الوعظ الرشيد ونوره --- أمسى له عقد الرّشاد مُنظّم
91 – سـائل بخاري هل أتى بصحيحه --- فترى صحيح حديثه يتكلّم
92 - لـا يجلدنْ رجل لزوجه مثلما (12) --- يجلدْ لفحلٍ في الفلاة ويكْلم
93 – مـا كان منْ شيم الشريعة عندنا --- هجر يزيد على ثلاث (13) يَحرم
94 – انّ اللبيب بنفسه متشاغل --- عنْ نفس غيره والعداوة يكظم
95 - تـرقى به عند الصّباح فضائل --- وتراه في الإمساء لا يتندّم
96 – اعط حقوق الوالدين فريضة --- باء وراء(14) أجره يتحتّم
97 - لـا تهلكنّ معاندا ومجادلا --- أمسك لسانك عنْ مراء يضرم
98 – احسن لجارك ولتكن له مخلصا --- إياك انْ يغويك فرْج أو فم (15)
99 - حسن الجوار له حديث شامل - قد خرّج الاسناد حقّا مسلم (16)
100 - يـأبى الكريم الى الجوار إسائة --- وأخو الهداية منْ يغاظ فيكظم
101 – اطرد الى المغتاب لا تحفل به --- وكذلك النّمّام فيما تَعلم
102 – إصحب منَ الاخوان كلّ مقوّم --- للحادثات وللنوائب يفهم
103 - مـا إن تزلّ بريبة او غفلة --- الاّ وأعطاك الذي يستلزم
104 - نـور المحبّة في القلوب بريقها --- إنّ المحبّة صاحب لا يسأم
105 - هـذا بيان قد نظمت كلامه --- نثرتْ عليه جمالهنّ الأنجم
106 - مـنْ يستمع قولي ويفهم مقصدي --- يحزنْ لحال الأغبياء ويرحم
107 – والله يعلم ما نويت وإنّه --- ربّ البريّة غافر متنعّم
108 – انهي نظامي في وصيّة مشفق --- فعسى اراني للنصيحة أرسم
109 - لـا تنظر الأخطاء فيها ولتكنْ --- عن عيبها عند القراءة تحلم
110 – ابياتها مائة تزيد لأربعٍ --- منْ بعد عشر حسنها يتكلّم
111 - مـنْ خالقي أبغي المعونة والهدى --- وعلى النّبيّ مصليّا وأسلّم
112 – والله أسأله طهارة قصدها --- منْ كلّ فخر أو رياء يظلم
113 – انّي فقير للدّعاء أحبّتي --- ودعاء ظهر الغيب ذخر أدْوم
114 - تـمّت بعون الله ثمّ بفضله --- رقّت معانيها بمسكٍ تُختم
---
بحر الكامل
شعر : محمّد هشام خليفي
وهذا شرحها بارك الله فيك ولك وبك :
الشّرح :
1 - قُسُّ بن ساعدة الإيادي. "نسبه إلى قبيلة إياد" من حكماء العرب قبل الإسلام. توفي حوالي عام 600م الموافق 23 قبل الهجرة. روى الطبري أن رسول الله قال: "رحم الله قسا! إنه كان على دين أبي إسماعيل بن إبراهيم". رآه النبي قبيل البعثة يخطب في الناس في سوق عكاظ. وذكر كل من ابن كثير في البداية والنهاية، والمسعودي في مروج الذهب أن رسول الله سأل عنه وفد إياد يوم فتح مكة فأخبروه أنه مات، ثم إنه روى لهم كيف رآه في سوق عكاظ قبل البعثة النبوية ثم سرد لهم خطبته يومذاك، وترحّم عليه: «يُبعثُ يوم القيامة أمةً وَحَده.»
2 – سحبان وائل رضي الله عنه هو سحبان بن زفر بن إياس الوائلي، وائل باهلة، فصيح العرب، وخطيب يضرب به المثل في البيان والفصاحة، فكانوا إذا أرادوا مدح إنسان بذلك قالوا: «هو أخطب أو أبلغ أو أفصح من سحبان وائل» أدرك الجاهلية، وأسلم، وهو أوّل من قال: أمّا بعد، وأوّل من آمن بالبعث من الجاهلية، وأوّل من توكّأ على عصا، مات سنة أربع وخمسين، وحكى الأصمعيّ قال: كان إذا خطب يسيل عرقا، ولا يعيد كلمة، ولا يتوقّف، ولا يقعد حتّى يفرغ، وممّا روي من خطبه البليغة قوله:
«إنّ الدّنيا دار بلاغ، والآخرة دار قرار، أيّها النّاس فخذوا من دار ممرّكم، لدار مقرّكم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، وأخرجوا من الدّنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، ففيها حييتم، و لغيرها خلقتم، إنّ الرجل إذا هلك، قال الناس: ما ترك؟ وقالت الملائكة: ما قدّم؟ قدّموا بعضًا يكون لكم ، ولا تخلفوا كلاًّ يكون عليكم»
3 - باقل العرب هو رجل يُضرب به المثل في العيّ ، قيل أن أمه كانت تعلمه طوال النهار اسمه و حين يحلّ المساء ينساه مجدداً.. حتى لجأت في النهاية إلى وضع قلادة في رقبته مكتوب عليها اسمه .. و في يوم ما .. نام و هو يضعها و حين استيقظ وجد أخوه يلبسها فقال له: ( أنت أنا فمن أكون أنا ؟؟! ) و يُحكى أيضاً أنه اشترى مرة ظبياً حيّاً بأحد عشر درهماً و سُئل : بكم اشتريته ؟ فأشار بأصابعه العشرة و مدّ لسانه ليشير إلى العدد أحد عشر .. فهرب الظبي منه لما أفلته و ضاع .. و من هنا .. عرف باقل بأنه أعيا العرب و ضُرب به المثل بالعي و البلادة و الغباء.
4 – اشرت هنا الى قوله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: " أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ " . ( سورة الزخرف الاية 32)
5 – اشرت الى حديث في صحيح مسلم من رواية ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها :
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ " . حَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، سَمِعْتُ الْمِقْدَامَ بْنَ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ ، رَكِبَتْ عَائِشَةُ بَعِيرًا ، فَكَانَتْ فِيهِ صُعُوبَةٌ فَجَعَلَتْ تُرَدِّدُهُ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِهِ .( حديث صحيح رواه الامام مسلم في صحيحه ).
6 – حجّة الوداع .
7 – اشرت الى بعض ما جاء في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وذلك في قوله عليه الصلاة والسلام : عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ((استنصتِ الناسَ))، ثم قال: ((لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضُكم رقاب بعضٍ)).
ثم اشرت كذلك لما رواه مالك في الموطأ مرسلا والحاكم في المستدرك على الصحيحين مسندا وصحّحه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما ما تمسكتم بهما، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرّقا حتى يردا على الحوض.
8 – داع اتى من ربّنا برسالة . هو رسول الله صلى الله عليه وسلم دعانا الى الإسلام .
9 – فقه الخلاف هو الفقه المقارن . أورد الشاطبي في الموافقات عند باب الاجتهاد قال : قال هشام بن عبيد الله الرازي : من لم يعرف اختلاف القراءة فليس بقارئ ، ومن لم يعرف اختلاف الفقهاء فليس بفقيه . وعن عطاء : لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس حتى يكون عالما باختلاف الناس; فإنه إن لم يكن كذلك رد من العلم ما هو أوثق من الذي في يديه . وعن أيوب السختياني وابن عيينة : أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما باختلاف العلماء ، زاد أيوب : وأمسك الناس عن الفتيا أعلمهم باختلاف العلماء .
10 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ . قَالَهَا ثَلَاثًا ) رواه مسلم في صحيحه, وللعلماء في تفسير " التنطع " و " المتنطعين " عبارات كثيرة ، تتوافق ولا تتعارض ، وكلها تجتمع في معنى واحد ، يرجع إلى التكلف والتشدد فيما لا ينبغي وفي غير موضعه الصحيح. ومن هذه المعاني الغلو في العبادة والمعاملة ، بحيث يؤدي إلى المشقة الزائدة ، والشريعة لم تأمر إلا بما فيه يسر وسماحة ، ونهت عن التشدد في الدين ، وصور الغلو التي أحدثها الناس في الدين وعدها العلماء من التنطع لا تكاد تحصى بعدد . يقول النووي في " كتابه الاعجوبة الموسوم بالمنهاج في شرح صحيح مسلم ابن الحجاج: " أي : المتعمقون ، الغالون ، المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم.
11 – اشرت لحديث في مسند الامام احمد وفي سنن البيهقي في رتبة الحسن يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم :
"إن هذا الدين متين" أي: صلب شديد، فأوغلوا: أي سيروا فيه برفق، ولا تحملوا على أنفسكم ما لا تطيقونه، فتعجزوا وتتركوا العمل.
وقال الغزالي: أراد بذلك أن لا يكلف نفسه في أعماله الدينية ما يخالف العادة، بل يكون بتلطف وتدريج، فلا ينتقل دفعة واحدة إلى الطريق الأقصى في التبدل، فإن الطبع نفور، ولا يمكن نقله عن أخلاقه الرديئة إلا شيئا فشيئا حتى تنفصم الأخلاق المذمومة الراسخة فيه، ومن لم يراع التدريج وتوغل دفعة واحدة، ترقى إلى حالة تشق عليه فتنعكس أموره فيصير ما كان محبوبا عنده ممقوتا، وما كان مكروها عنده مشربا هنيئا لا ينفر عنه. والمنبتُّ هو الذي انقطع به السير في السفر وعطلت راحلته ولم يقض وطره، فلا هو قطع الأرض التي أراد، ولا هو أبقى ظهره، أي دابته التي يركبها لينتفع بها فيما بعد. وهكذا من تكلف من العبادة ما لا يطيق، ربما يملُّ ويسأم، فينقطع عما كان يعمله.
12 – رمزت لحديث النبيّ صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري عن عبد الله بن زمعة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يجلد احدم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر اليوم . وفي رواية ضرب الفحل أي البعير .
13 – " هجر يزيد على ثلاث يحرم " استوحيته من الحديث المشهور الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النّهي عن هجر المسلم لاخيه المسلم فوق ثلاثة أيام وفيه من التّغليظ والتحريم ما غفل عنه اغلب الناس اليوم , وهذا نص الحديث باسناده ودرجته واقوال الحفّاظ فيه : روى البخاري في صحيحه ، ومسلم في صحيحه عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا ، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ ) .
وروى أبو داود (4914) ، وأحمد (9092) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ ) .قال الحافظ العراقي رحمه الله في " تخريج احاديث احياء علوم الدين للغزالي رحمهم الله اجمعين :" أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِإِسْنَاد صَحِيح " .وقال النووي رحمه الله في "رياض الصالحين" (ص 433):
" رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط البخاري ومسلم " .
14 – باء وراء ( برّ ) الوالدين .
15 – قلت ( محمد هشام خليفي ): احسن لجارك ولتكن له مخلصا --- إياك انْ يغويك فرْج أو فم
عن عبدالله بن مسعودٍ: قال رجلٌ: يا رسول الله، أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: ((أن تدعو لله ندًّا وهو خلَقك))، قال: ثم أي؟ قال: ((أن تقتل ولدَك مخافة أن يطعَمَ معك))، قال: ثم أي؟ قال: ((أن تزانيَ حليلة جارك))، فأنزل الله عز وجل تصديقها: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴾ [الفرقان: 68]، حديث صحيح متفق عليه .
فاعلم اخي هداني الله واياك ان مفسدة الزنا تتضاعف بتضاعف ما ينتهكه من الحرمة ، فالزنا بالمرأة التي لها زوج أعظم إثما وعقوبة من التي لا زوج لها إذ فيه انتهاك حرمة الزوج وإفساد فراشه ، وتعليق نسب غيره عليه ، وغير ذلك من أنواع أذاه ، فهو أعظم إثما وجرما من الزنا بغير ذات البعل . فإن كان زوجها جارا له ، انضاف إلى ذلك سوء الجوار أورد ذلك صاحب موارد الضمان وقد سئل رسول الله صلى الله عليه عندما قال له بعض أصحابه يا رسول الله : أي الذنب أعظم فذكر الشرك ثم القتل ثم الزنا بحليلة الجار ، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : مسلم الإيمان (46) ، أحمد (2/373). لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه . ولا بائقة أعظم من الزنا بامرأته فإن كان الجار أخا أو قريبا من أقاربه انضم إلى ذلك قطيعة الرحم فيتضاعف الإثم ، فإن كان الجار غائبا في طاعة الله كالصلاة وطلب العلم والجهاد تضاعف الإثم . حتى إن الزاني بامرأة الغازي في سبيل الله يوقف له يوم القيامة ويقال خذ من حسناته ما شئت ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : مسلم الإمارة (1897) ، النسائي الجهاد (3191) ، أبو داود الجهاد (2496) ، أحمد (5/355). ما ظنكم ؟ أن يترك له من حسنات قد - ص 43 - حكم في أن يأخذ منها ما شاء على شدة الحاجة إلى حسنة واحدة حيث لا يترك الأب لابنه ولا الصديق لصديقه حقا يجب عليه . فإذا اتفق أن تكون المرأة حليلة جاره رحما منه انضم إلى ذلك قطيعة رحمها ، فإن اتفق أن يكون الزاني محصنا ، كان الإثم أعظم ، فإن كان شيخا كان أعظم إثما وهو أحد الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم فإن اقترن وقوعه في شهر حرام ، أو بلد حرام أو وقت معظم عند الله كأوقات الصلوات وأوقات الإجابة تضاعف الإثم والعقوبة ، والله المستعان .
16 – حديث الحثّ على حسن معاملة الجار ورد بطرق مختلفة وروايات عديدة كلها صحيحة باسناد كالشمس لا مغمز فيه ولا سبيل للطعن في رجاله وكل الروايات من طريق الصّدّيقة بنت الصّدّيق حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّنا الغالية عائشة بنت ابي بكر رضي الله عنهما ومن طريق عبد الله بن امير المؤمنين الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما وقد ورد كالاتي : عن عائشة - رضي الله عنها - وابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم : ما زال جبريل ) تقدم فيه أربع قراءات ( يوصيني بالجار ) أي : يأمرني بحفظ حقه من الإحسان إليه ودفع الأذى عنه ( حتى ظننت أنه ) أي : جبريل ( سيورثه ) أي : الجار ، وهو بتشديد الراء ويجوز تخفيفه على ما في القاموس ، ورث أباه ومنه بكسر الراء يرثه كيعده وأورثه جعله من ورثته أي : سيشركه جبريل في الميراث ، كما قال شارح ، والمعنى : أنه يحكم بميراث أحد الجارين من الآخر ( متفق عليه ) قال المنذري : ورواه الترمذي أيضا من حديثهما ، ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث عائشة وحدها ، وابن ماجه أيضا وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة ، ذكره ميرك . وفي الجامع الصغير : رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن ابن عمر ، ورواه أحمد والشيخان والأربعة عن عائشة ، ورواه البيهقي بسند حسن من حديث عائشة بلفظ : " ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه يورثه ، وما زال يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه يضرب له أجلا أو وقتا إذا بلغه عتق " .
---
أسال الله العلي العظيم ان يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم , والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآل بيته الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين .
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك فى موضوعاتنا .