التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المناظرة – الة الحوار المفقودة - بقلم محسن سمير

عند قراءة سير الأولين فى تاريخنا  نجد آلية للحوار نفتقدها أو لا نستخدمها كثيرا فى بلادنا الحبيبة  ألا وهى المناظرة . وتاريخ المناظرة  تاريخ عريق يمتد لسنوات طويلة وتحكى لنا كتب التراث عشرات القصص عن المناظرة  وعشرات الافكار التى عاشت دهورا بعد أن فازت بالضربة القاضية على فكرة أخرى بل وماتت أفكار بعد سحقها فى مناظرة من المناظرات .فماهى المناظرة ؟ إن المناظرة حوار بين شخصين أو فريقين يسعى كل منهما إلى إعلاء وجهة نظره حول موضوع معين والدفاع عنها بشتى الوسائل العلمية والمنطقية واستخدام الأدلة والبراهين على تنوعها محاولا تفنيد رأي الطرف الآخر وبيان الحجج الداعية للمحافظة عليها أو عدم قبولها .هذه مناظرة بين الإمام الشافعي والإمام أحمد في تكفير تارك الصلاة تهاونا وكسلا ، حكاها الإمام القرافي في الذخيرة ، حيث قال : (( ويروى أن الشافعي قال لأحمد : إذا كفرته بترك الصلاة ، وهو يقول : لا إله إلا الله ، بأي شيء يرجع إلى الإسلام ؟ فقال أحمد : بفعل الصلاة ، فقال الشافعي : إن كان إسلامه يترتب عليها ، فتكون واقعةً في زمن الكفر ، فلا تصح ، وإن لم يترتب عليها ، لم يدخل بها !
فسكت أحمد.وفى عصرنا الحديث  استخدم الكثيرون أسلوب المناظرة فنجد فى بعض الدول مناظرات بين المرشحين على كرسى الرئاسة مثل مناظرة باراك اوباما وميت رومني فى الانتخابات الامريكية الماضية .بل وقد تحسم المناظرة سباق  الرئاسة فى معظم الأحيان . ولنا فى مصر تجربة فى المناظرة السياسية آخرها ما حدث مع المرشحين الرئاسيين عمرو موسى وعبد المنعم  أبو الفتوح فى الانتخابات المصرية عام 2012   . فهل نلجأ مرة أخرى للمناظرة لحل مشكلاتنا . هل تستطيع الفضائيات المنتشرة فى الفضاء الفسيح أن تقوم بمناظرات حقيقية مذاعة على الهواء ليتعرف المشاهدين على وجهات النظر المختلفة . تخيل معى النتائج العائدة على بلادنا وعلى شبابنا من تلك الفنوات (أو أقل أو أكثر )فى اذاعة مناظرة فى قضية هامة ويشاهد المناظرة الملايين داخل وخارج بلادنا . فمثلا  يحاول الازهر الشريف جاهدا القضاء على الفكر التكفيرى عن طريق المحاضرات واللقاءات والكتب وغيرها من الوسائل التى يستخدمها الأزهر  لكن مناظرة واحدة بين ممثلى الفكر المعتدل  وممثلى الفكر التكفيرى كفيلة   بأنقاذ الشباب من براثين هذه الجماعات التكفيرية بل ومحاربتها فى عقر دارها  وبألسنة قياداتها . إنها دعوة جادة لأعلام هادف  يحارب الفساد لا يحاربه فقط بل يقضى عليه فى أقصر وقت ممكن . قد يقول قائل لكن هناك من سيتهرب من هذه المناظرات أقول إن البداية الجادة فى طرح هذا الاسلوب لحل المشكلات الخلافية بأنواعها المتعددة يفرض على الجميع قبول هذا الاسلوب فكل يريد إيضاح وجهه نظره والدفاع عنها بل ونشر فكرته على أوسع نطاق إن أمكن ذلك وهذه هى فرصته المواتيه فإن هرب من المناظرة فقد إنهزم وإنهزمت فكرته . إن أهم  ما تتسم به المناظرة إنها تتيح لانتشار الافكار  فمن تكن فكرته صادقة وهدفه نبيل ستنمو فكرته وينتشر هدفه وإن كان غير ذلك أختفت فكرته واندثرت بغير رجعة . بل نستطيع القول إن المناظرة هى وسيلة هامة لمحاربة العنف والتطرف بكل اشكاله فمن يلجأون للعنف والتطرف هم أنفسهم من حرموا من حق التعبير عن أرائهم وأفكارهم . وهنا تفتح المناظرات أبوابا للحوار والمناقشة بهدف نشر الفكر المعتدل بهدف أن نصل بمجتمعنا إلى بر الأمان  وإلى زرع لغة الحوار الراقى والفكر الصحيح فى عقول أبنائنا . بل وأن الفكرة لا يواجهها إلا الفكرة والرأى لا يواجهه إلا الرأى .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحلة فى أعماق شاعر : الشاعر إيليا أبو ماضى بقلم محسن الوردانى

الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى أحد أبرز شعراء المهجر فى القرن العشرين جاء إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة والتقى بالكاتب اللبنانى انطوان جميل ودعاه انطوان للكتابة فى مجلة الزهور فبدأ فى نشر قصائد بالمجلة . صدر له عام 1911 ديوان      تذكار الماضى هاجر عام 1912 الولايات المتحدة وأسس الرابطة القلمية  مع جبران خليل جبران وميخائيل نعمه توفى سنة 1957 يقول ايليا أبو ماضى فى قصيدته ليس السر في السنوات قل للذي أحصى السنين مفاخرا     يا صاح ليس السرّ في السنوات لكنه في المرء كيف يعيشها     في يقظة ، أم في عميق سبات قم عدّ آلاف السنين على الحصى     أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟ خير من الفلوات ، لا حدّ لها ،     روض أغنّ يقاس بالخطوات كن زهرة ، أو نغمة في زهرة،     فالمجد للأزهار والنغمات تمشي الشهور على الورود ضحوكة     وتنام في الأشواك مكتئبات وتموت ذي للعقم قبل مماتها     وتعيش تلك الدهر في ساعات تحصى على أهل الحياة دقائق     والدهر لا يحصى على الأموات ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ                       كالبيت مهجورا وكالمومات جعل السنين مجيدة وجميلة     ما في مطاويها من الحسنات وهنا يتحدث إيليا ابو ماضى

ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان

* ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان في مدينة فينيسا "البندقية" بإيطاليا، كان اليهودي الجشع"شيلوك" قد جمع ثروة طائلة من المال الحرام..فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش..وكانت مدينة البندقية في ذلك الوقت من أشهر المدن التجارية، ويعيش فيها تجار كثيرون من المسيحيين..من بينهم تاجر شاب اسمه"انطونيو". كان "انطونيو"ذا قلب طيب كريم..وكان لا يبخل على كل من يلجأ إليه للاقتراض دون ان يحصل من المقترض على ربا او فائدة.لذلك فقد كان اليهودي "شيلوك"يكرهه ويضمر له الشر بالرغم مما كان بيديه له من نفاق واحترام مفتعل. وفي اي مكان كان يلتقي فيه "انطونيو"و"شيلوك"كان "انطونيو"يعنفه ويوبخه، بل ويبصق عليه ويتهمه بقسوة القلب والاستغلال.وكان اليهودي يتحمل هذه المهانه، وفي الوقت نفسه كان يتحين أيه فرصة تسنح له للانتقام من "انطونيو". وكان جميع اهالي "البندقية"يحبون "انطونيو" ويحترمونه لما عرف عنه من كرم وشجاعة ،كما كان له أصدقاء كثي

قصيدة (الكِرْش.. بين مدح وذمّ!)

• الكِرْشُ مفخرةُ الرجالِ، سَمَوْا به ** وتوسَّدوه، ووسَّدوه عيالا • خِلٌّ وفيٌّ لا يخونُ خليلَهُ ** في الدرب تُبصِرُ صورةً وخيالا = = = = = - الكِرْشُ شيءٌ يا صديقُ مُقزِّزٌ ** وصف البهائم، لا تكنْ دجَّالا! - وكـ "واو" عمرٍو للصديق ملازمٌ ** قد أورَثَ الخِلَّ الوفيَّ ملالا! = = = = = • يا صاح ِ، إنّي قد رضيتُ مشورةً ** إنّ المشورة ليس تعدلُ مالا • مَن للعيال مُداعِبٌ ومُؤانِسٌ ** مَن غيرُه سيُأرجِحُ الأطفالا؟ • مَن لـ "المدام" إذا الوسادُ تحجَّرتْ ** يحنو عليها خِفَّةً ودلالا؟ • مَن للطعام إذا ملأتم سُفْرةً ** حمَلَ البقيَّةَ فوقه، ما مالا؟ • مَن تستعينُ به لإطرابِ الألى ** غنَّوْا، وطبَّلَ راقصًا ميَّالا؟ = = = = = - أضحكتني؛ إذ كان قولُك ماجنًا ** وظهرتَ لي مُتهتِّكًا مُحتالا! - لكنَّه عند التحقُّق عائقٌ ** وقتَ الجهاد يُقهقِرُ الأبطالا - إنَّ النحافة في الوغى محمودةٌ ** والكِرْشُ ذُمَّ حقيقةً ومقالا - إذ صاحبُ الكرش ِ العظيم ِ لُعابُه ** إنْ أبصرَ الأكلَ المُنمَّقَ سالا = = = = = • هَبْ أنَّ ما حدَّثتني به واقعٌ ** ما ضرَّه لو