التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الاديبة العراقية منى الصراف تكتب قصة قصيرة خيبة نضج

الاديبة العراقية 
منى الصراف
تكتب
قصة قصيرة
خيبة نضج
كان يحب اللعب مع (روز) صديقته وزميلته في المدرسة، لم يبلغ السابعة بعد من عمره ، أخبرته روز أنَّ أعياد الميلاد أصبحت قريبة وسيحمل لها بابا نويل هديتها السنوية ، فأخبرها أن بابا نويل يزوره أيضا محملاً بالهدايا.
ضحكت عليه وقالت - كيف ذلك وهو يزورنا نحن فقط أولاد ديانته .. كان لا يدرك المعاني المجردة للمفاهيم الدينية وخاصة في مجال العقيدة الدينية (الغيبيات)، وتعتمد تفسيراته لها على المشاهدات الحسية والواقعية والتي كانت أمه تضلله بها بسهولة عن طريق الأدلة لوجود الشخصيات المحببة للأطفال حتى لو كانت اعياد ميلاد او عيد الفطر وأعياد كثيرة اخرى . أصبح متحمساً لفكرة ( سانتا كلوز ) وشجعته أمه عليها .كانت تعلم أن دور الأم مهمٌ في حياة طفلها لأنها الشخص الأول من الناس الذي سيلتقي بهم ويتعلم منها ، حريصة على تنمية خياله للتعلم والمعرفة المتعلقة بأناس أو أحداث لم يتَح التعامل المباشر معها فكلما فكرنا بالتأريخ أو ربما (الله) فلا بد من استخدام خيالك، فالخيال ضروري وجوهري للتفكير في الواقع . أخبر صديقته أن هذا الملاك الصالح والذي يدعى (بابا نويل) يحب كل الاطفال باختلاف دياناتهم، وأنه طفل مهذب وشاطر ويسمع كلام الماما ويساعد زملائه في المدرسة وزميلاته الجميلات إن اعتدى عليهن متنمر ، لذلك يزوره أيضا في أعياد الميلاد. قال لها: اكتب له رسالة أضع بها كل احلامي وأمنياتي، وأضع حلوى لأولاد فقراء آخرين، يأخذها الملاك ويضع هديته قرب وسادتي .
صمتت روز إلى الأبد حين جلب لها هديته وكانت أجمل بكثير من هديتها التي حُمِلتْ لها، كانت تلك الأم تعلم أن قدرة الأطفال على التخيل هو مصدر قوة لهم، ويُمكِّنهم حل مشكلاتهم الصغيرة مستخدمين خيالهم، وإن غرزت السعادة والفرح في ذكرياته سيكون له الماضي أجمل ، خداع ذاتي لسنوات قادمة قد تكون له مريرة ، لكنه مع هذا سيبقَى محافظاً على خط تقدمه في الحياة، حتى لو كانت تلك الحلقة مفرغة للمتعة فقط، سيعمل بجد للوصول إلى الهدف وتستمر مطاردته للسعادة بلا نهاية . رفع بابا نويل من معنوياته بإرسال المحبة والمودة بين الاديان . لكن كانت تلك الهدايا تزداد تعقيداً كلما نضج طفلها ، وتلك الاستجابات التي تلقاها من أصدقائه شكلت له هوية أُخرى ، أصبح الآن يبلغ التاسعة من عمره وأعياد الميلاد قريبة ، أمنياته كبرت وهديته أثقلت من كاهل بابا نويل في بلد أصبح يعاني الفوضى والعوز حتى بخبزه الابيض . ظلت في حيرة من أمرها ما الذي سيقدمه هذا العام ذلك الـ (سانتا) لولدها .
كتب أمنياته ووضع حلوى رخيصة من التمر وراح يحدث وسادته عن أحلام له جديدة وذهب بغفوة قلقلة بانتظار شعاع شمس تشرق بهدية ، نهض فزعاً من نومه شاهد هديته المريبة والمثيرة للجدل ، ذهب الى أمه وابتسامة صفراء على وجهه الجميل. قال لها - ما بال ملاكنا هذا العام يا أمي لعل الحصار قد مسه هو ايضاً ، نظرت أمه له باستغراب وقالت وما الذي حدث لهديتك هذا العام يا بني؟ اخبرها - لعل بابا نويل قد أخطأ بعمري أو انه جاء إلى ولد آخر ، فهديته تناسب طفلاً عمره ثلاث سنوات ! وانا الآن في التاسعة يا أمي!؟ زادت وتيرة ضحكاته وأمه وقفت عاجزةً عن تضليله كما كانت تفعل سابقاً ابتسمت له وأخبرته - لقد نضجت ايها الخبيث فلا تنتظر هدايا قادمة أُخرى.
رد عليها بحزن - أرجوكِ أمي لا تجعلي من نضجي خيبة تلازمني طوال عمري سأقبل باي هدية تمنحيني اياها لسنوات قادمة .
منى الصراف / العراق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحلة فى أعماق شاعر : الشاعر إيليا أبو ماضى بقلم محسن الوردانى

الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى أحد أبرز شعراء المهجر فى القرن العشرين جاء إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة والتقى بالكاتب اللبنانى انطوان جميل ودعاه انطوان للكتابة فى مجلة الزهور فبدأ فى نشر قصائد بالمجلة . صدر له عام 1911 ديوان      تذكار الماضى هاجر عام 1912 الولايات المتحدة وأسس الرابطة القلمية  مع جبران خليل جبران وميخائيل نعمه توفى سنة 1957 يقول ايليا أبو ماضى فى قصيدته ليس السر في السنوات قل للذي أحصى السنين مفاخرا     يا صاح ليس السرّ في السنوات لكنه في المرء كيف يعيشها     في يقظة ، أم في عميق سبات قم عدّ آلاف السنين على الحصى     أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟ خير من الفلوات ، لا حدّ لها ،     روض أغنّ يقاس بالخطوات كن زهرة ، أو نغمة في زهرة،     فالمجد للأزهار والنغمات تمشي الشهور على الورود ضحوكة     وتنام في الأشواك مكتئبات وتموت ذي للعقم قبل مماتها     وتعيش تلك الدهر في ساعات تحصى على أهل الحياة دقائق     والدهر لا يحصى على الأموات ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ                       كالبيت مهجورا وكالمومات جعل السنين مجيدة وجميلة     ما في مطاويها من الحسنات وهنا يتحدث إيليا ابو ماضى

ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان

* ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان في مدينة فينيسا "البندقية" بإيطاليا، كان اليهودي الجشع"شيلوك" قد جمع ثروة طائلة من المال الحرام..فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش..وكانت مدينة البندقية في ذلك الوقت من أشهر المدن التجارية، ويعيش فيها تجار كثيرون من المسيحيين..من بينهم تاجر شاب اسمه"انطونيو". كان "انطونيو"ذا قلب طيب كريم..وكان لا يبخل على كل من يلجأ إليه للاقتراض دون ان يحصل من المقترض على ربا او فائدة.لذلك فقد كان اليهودي "شيلوك"يكرهه ويضمر له الشر بالرغم مما كان بيديه له من نفاق واحترام مفتعل. وفي اي مكان كان يلتقي فيه "انطونيو"و"شيلوك"كان "انطونيو"يعنفه ويوبخه، بل ويبصق عليه ويتهمه بقسوة القلب والاستغلال.وكان اليهودي يتحمل هذه المهانه، وفي الوقت نفسه كان يتحين أيه فرصة تسنح له للانتقام من "انطونيو". وكان جميع اهالي "البندقية"يحبون "انطونيو" ويحترمونه لما عرف عنه من كرم وشجاعة ،كما كان له أصدقاء كثي

قصيدة (الكِرْش.. بين مدح وذمّ!)

• الكِرْشُ مفخرةُ الرجالِ، سَمَوْا به ** وتوسَّدوه، ووسَّدوه عيالا • خِلٌّ وفيٌّ لا يخونُ خليلَهُ ** في الدرب تُبصِرُ صورةً وخيالا = = = = = - الكِرْشُ شيءٌ يا صديقُ مُقزِّزٌ ** وصف البهائم، لا تكنْ دجَّالا! - وكـ "واو" عمرٍو للصديق ملازمٌ ** قد أورَثَ الخِلَّ الوفيَّ ملالا! = = = = = • يا صاح ِ، إنّي قد رضيتُ مشورةً ** إنّ المشورة ليس تعدلُ مالا • مَن للعيال مُداعِبٌ ومُؤانِسٌ ** مَن غيرُه سيُأرجِحُ الأطفالا؟ • مَن لـ "المدام" إذا الوسادُ تحجَّرتْ ** يحنو عليها خِفَّةً ودلالا؟ • مَن للطعام إذا ملأتم سُفْرةً ** حمَلَ البقيَّةَ فوقه، ما مالا؟ • مَن تستعينُ به لإطرابِ الألى ** غنَّوْا، وطبَّلَ راقصًا ميَّالا؟ = = = = = - أضحكتني؛ إذ كان قولُك ماجنًا ** وظهرتَ لي مُتهتِّكًا مُحتالا! - لكنَّه عند التحقُّق عائقٌ ** وقتَ الجهاد يُقهقِرُ الأبطالا - إنَّ النحافة في الوغى محمودةٌ ** والكِرْشُ ذُمَّ حقيقةً ومقالا - إذ صاحبُ الكرش ِ العظيم ِ لُعابُه ** إنْ أبصرَ الأكلَ المُنمَّقَ سالا = = = = = • هَبْ أنَّ ما حدَّثتني به واقعٌ ** ما ضرَّه لو