الغريبُ (قصةٌ قصيرةٌ)
سألها طفلُها: هل هناك حياة على الكواكب الأخرى؟
لم تدرِ بم تجيبه، ترددت قليلًا، ثم هزت رأسها بالنفي!
رمقته من وراء الزجاج، وقد وقف في باحة المكتبة، يقطر منه الماءُ، كأنه تمثالُ شلالٍ في ميدان عام، يقلب ناظريه في السماء، غير عابئ بالمطر الهاطل على رأسه، كيف لم تره من قبل، وهي أمينة المكتبة من عشرين عامًا؟
بمجرد أنْ دلف للداخل، انقطع التيار الكهربي، ثم عاد، خلع رداءه، وعلَّقه على المشجب، قدمت له مناديل، ليجفف بها يديه ورأسه، تعجبت حين رأته جافًا، ابتسامته الشاكرة كشفت عن سن ذهبي براق، لمعت عيناه كعيني قط في الظلام، زاد عجبها من صوته الآلي، وهو يسأل عن كتب الفضاء، مسح الأرفف بعينيه، التقط عدة كُتب، وانتحى جانبًا من قاعة المطالعة، انشغلت عنه ساعة بخدمة الآخرين، حين التفتتْ إليه، بدا وكأنَّ عينيه عدستا تصوير، تلتهمان الأوراق، ابتسم في امتنان ثم غادر، داوم على هذا خمسة أيام متتالية: في التوقيت نفسه، بالهدوء ذاته، بالدأب عينه، ثم انقطع شهرًا، لم تجد صورته في الكاميرا لتطبعها، وصفته لأهل البلدة الصغيرة، لم يتعرف عليه أحد، لم يزر الطبيب، لم يقابله الصيدلي، لم يره المحامي، لم يستدل عليه البقال، لم يشاهده عامل الوقود، لم تتذكره مديرة المدرسة، أنكره مدير النادي. على التلفاز كانت تُبث حلقة عن رصد مركبة فضائية هبطتْ في الصحراء، ومكثتْ أيامًا، ثم غادرتْ، خلال هذه الأيام، كانت كل خطوط الاتصال مشوشة.
ذات مساء، كان صغيرها يلهو بجهاز استقبال الذبذبات الدقيقة، استرعت انتباهها رناتٌ متقطعة، سارعت إلى تسجيلها، وعرضِها على برنامج فضائي على الشبكة، تعرف البرنامج على رسالة شكر باسمها صيغت بلغة كونية، أرسلت منذ شهر مِن مكان ما، وراء المجرة.
أحمد عبد السلام - مصر
سألها طفلُها: هل هناك حياة على الكواكب الأخرى؟
لم تدرِ بم تجيبه، ترددت قليلًا، ثم هزت رأسها بالنفي!
رمقته من وراء الزجاج، وقد وقف في باحة المكتبة، يقطر منه الماءُ، كأنه تمثالُ شلالٍ في ميدان عام، يقلب ناظريه في السماء، غير عابئ بالمطر الهاطل على رأسه، كيف لم تره من قبل، وهي أمينة المكتبة من عشرين عامًا؟
بمجرد أنْ دلف للداخل، انقطع التيار الكهربي، ثم عاد، خلع رداءه، وعلَّقه على المشجب، قدمت له مناديل، ليجفف بها يديه ورأسه، تعجبت حين رأته جافًا، ابتسامته الشاكرة كشفت عن سن ذهبي براق، لمعت عيناه كعيني قط في الظلام، زاد عجبها من صوته الآلي، وهو يسأل عن كتب الفضاء، مسح الأرفف بعينيه، التقط عدة كُتب، وانتحى جانبًا من قاعة المطالعة، انشغلت عنه ساعة بخدمة الآخرين، حين التفتتْ إليه، بدا وكأنَّ عينيه عدستا تصوير، تلتهمان الأوراق، ابتسم في امتنان ثم غادر، داوم على هذا خمسة أيام متتالية: في التوقيت نفسه، بالهدوء ذاته، بالدأب عينه، ثم انقطع شهرًا، لم تجد صورته في الكاميرا لتطبعها، وصفته لأهل البلدة الصغيرة، لم يتعرف عليه أحد، لم يزر الطبيب، لم يقابله الصيدلي، لم يره المحامي، لم يستدل عليه البقال، لم يشاهده عامل الوقود، لم تتذكره مديرة المدرسة، أنكره مدير النادي. على التلفاز كانت تُبث حلقة عن رصد مركبة فضائية هبطتْ في الصحراء، ومكثتْ أيامًا، ثم غادرتْ، خلال هذه الأيام، كانت كل خطوط الاتصال مشوشة.
ذات مساء، كان صغيرها يلهو بجهاز استقبال الذبذبات الدقيقة، استرعت انتباهها رناتٌ متقطعة، سارعت إلى تسجيلها، وعرضِها على برنامج فضائي على الشبكة، تعرف البرنامج على رسالة شكر باسمها صيغت بلغة كونية، أرسلت منذ شهر مِن مكان ما، وراء المجرة.
أحمد عبد السلام - مصر
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك فى موضوعاتنا .