التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ما بين الاخلاق واللاأخلاق بقلم الشاعر حسن منصور

[...إن الأمم العظيمة هي التي تصنع تاريخها بنفسها ولا تترك هذه المهمة لأحد غيرها وكأنها إنسان قاصر يحتاج إلى أوصياء عليه يديرون له شؤون حياته. ولقد بلغت أمتنا سن الرشد وفيها من أصحاب الفكر والوعي والعلم والقيم السامية والضمائر الحية ما يؤهلها لتولي زمام أمورها بنفسها، بل لتولي زمام أمور البشرية كلها وقيادتها في طريق الأخلاق الكريمة والقيم الفاضلة بعد أن قادتها الأخلاق (الميكيافيلية والبراغماتية) سياسياً واجتماعياً وخلقياً، فكانت النتيجة ما نراه من شيوع الثقافات ذات القيم المادية والاستهلاكية التي أدت إلى ما نشاهده الآن من انحلال أخلاقي وتفسخ أسري باسم الحرية المطلقة التي تعتبر الإنسان ذا بعد واحد مادي ولا تعترف أن له بعداً روحياً مرتبطاً بمنظومة من القيم الأخلاقية والإيمانية. وفي الحقيقة فإن تلك الأخلاق أجدر أن توصف (باللاأخلاق) الميكيافيلية والبراغماتية، لأنه جرى الفصل فيها بين السياسة والأخلاق، ثم بين الحياة وبين الأخلاق والقيم النبيلة كلها. ولهذا فلا نبالغ إذا قلنا بأن منظومة القيم عندنا هي المؤهلة لقيادة العالم في الطريق إلى استرداد وعيه ببعده الإنساني النبيل، ولوضع حد للهمجيّة السياسية والانحلال الاجتماعي والأخلاقي الذي يطغى على العالم في ظل القيم والمفاهيم التي حولت الحرية الشخصية إلى حرية مطلقة ومتحللة من أي قيد أو قانون حتى التقت مع مفاهيم الفوضوية أو تحولت إليها في كل الممارسات بدءاً بالسياسة وبالمعاملات والعلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية عامة (وخصوصاً ما يتعلق بالعلاقات الحرة من كل قيد بين الرجل والمرأة) وغيرها وغيرها.. من هذه الفوضى الشاملة التي أدت إلى كسر الأنظمة والقوانين الفكرية والاجتماعية والثقافية والدينية أو إلى إلغائها تماماً، حيث عاد الإنسان مقياس الأشياء كلها كما كان في زمن الوثنية الإغريقية وفلاسفتها.]
[مقتطف من كتابي: (فلسفة الثوابت العربية ـ العرب وصناعة التاريخ) وهو الكتاب التاسع من سلسلة الحضارة والفكر ـ دار أمواج ـ 2013م (ص 305)]

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحلة فى أعماق شاعر : الشاعر إيليا أبو ماضى بقلم محسن الوردانى

الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى أحد أبرز شعراء المهجر فى القرن العشرين جاء إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة والتقى بالكاتب اللبنانى انطوان جميل ودعاه انطوان للكتابة فى مجلة الزهور فبدأ فى نشر قصائد بالمجلة . صدر له عام 1911 ديوان      تذكار الماضى هاجر عام 1912 الولايات المتحدة وأسس الرابطة القلمية  مع جبران خليل جبران وميخائيل نعمه توفى سنة 1957 يقول ايليا أبو ماضى فى قصيدته ليس السر في السنوات قل للذي أحصى السنين مفاخرا     يا صاح ليس السرّ في السنوات لكنه في المرء كيف يعيشها     في يقظة ، أم في عميق سبات قم عدّ آلاف السنين على الحصى     أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟ خير من الفلوات ، لا حدّ لها ،     روض أغنّ يقاس بالخطوات كن زهرة ، أو نغمة في زهرة،     فالمجد للأزهار والنغمات تمشي الشهور على الورود ضحوكة     وتنام في الأشواك مكتئبات وتموت ذي للعقم قبل مماتها     وتعيش تلك الدهر في ساعات تحصى على أهل الحياة دقائق     والدهر لا يحصى على الأموات ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ                       كالبيت مهجورا وكالمومات جعل السنين مجيدة وجميلة     ما في مطاويها من الحسنات وهنا يتحدث إيليا ابو ماضى

ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان

* ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان في مدينة فينيسا "البندقية" بإيطاليا، كان اليهودي الجشع"شيلوك" قد جمع ثروة طائلة من المال الحرام..فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش..وكانت مدينة البندقية في ذلك الوقت من أشهر المدن التجارية، ويعيش فيها تجار كثيرون من المسيحيين..من بينهم تاجر شاب اسمه"انطونيو". كان "انطونيو"ذا قلب طيب كريم..وكان لا يبخل على كل من يلجأ إليه للاقتراض دون ان يحصل من المقترض على ربا او فائدة.لذلك فقد كان اليهودي "شيلوك"يكرهه ويضمر له الشر بالرغم مما كان بيديه له من نفاق واحترام مفتعل. وفي اي مكان كان يلتقي فيه "انطونيو"و"شيلوك"كان "انطونيو"يعنفه ويوبخه، بل ويبصق عليه ويتهمه بقسوة القلب والاستغلال.وكان اليهودي يتحمل هذه المهانه، وفي الوقت نفسه كان يتحين أيه فرصة تسنح له للانتقام من "انطونيو". وكان جميع اهالي "البندقية"يحبون "انطونيو" ويحترمونه لما عرف عنه من كرم وشجاعة ،كما كان له أصدقاء كثي

قصيدة (الكِرْش.. بين مدح وذمّ!)

• الكِرْشُ مفخرةُ الرجالِ، سَمَوْا به ** وتوسَّدوه، ووسَّدوه عيالا • خِلٌّ وفيٌّ لا يخونُ خليلَهُ ** في الدرب تُبصِرُ صورةً وخيالا = = = = = - الكِرْشُ شيءٌ يا صديقُ مُقزِّزٌ ** وصف البهائم، لا تكنْ دجَّالا! - وكـ "واو" عمرٍو للصديق ملازمٌ ** قد أورَثَ الخِلَّ الوفيَّ ملالا! = = = = = • يا صاح ِ، إنّي قد رضيتُ مشورةً ** إنّ المشورة ليس تعدلُ مالا • مَن للعيال مُداعِبٌ ومُؤانِسٌ ** مَن غيرُه سيُأرجِحُ الأطفالا؟ • مَن لـ "المدام" إذا الوسادُ تحجَّرتْ ** يحنو عليها خِفَّةً ودلالا؟ • مَن للطعام إذا ملأتم سُفْرةً ** حمَلَ البقيَّةَ فوقه، ما مالا؟ • مَن تستعينُ به لإطرابِ الألى ** غنَّوْا، وطبَّلَ راقصًا ميَّالا؟ = = = = = - أضحكتني؛ إذ كان قولُك ماجنًا ** وظهرتَ لي مُتهتِّكًا مُحتالا! - لكنَّه عند التحقُّق عائقٌ ** وقتَ الجهاد يُقهقِرُ الأبطالا - إنَّ النحافة في الوغى محمودةٌ ** والكِرْشُ ذُمَّ حقيقةً ومقالا - إذ صاحبُ الكرش ِ العظيم ِ لُعابُه ** إنْ أبصرَ الأكلَ المُنمَّقَ سالا = = = = = • هَبْ أنَّ ما حدَّثتني به واقعٌ ** ما ضرَّه لو