التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قصة قصيرة حجرة باردة محمد الليثى محمد أسوان



قصة قصيرة حجرة باردة
كلما وضعها على الرخامة الطويلة ، أحس بالشيء ألمحير .. كيف كانت الحجرة باردة موحشة لا يسمع فيها غير صوت قطرة ماء باردة..تسقط كل حين من ساخن قديم معلق بالسقف..وكيف هي الآن مفعمة بالحياة يسمع دقات القطرات كأنها نقرات راقص مجنون ..قال سائق عربة الإسعاف : ده ماتت في حادثة
لم يهتم..نسى من مدة أن يسال..ولم تعد زوجته تسأله عن الموتى ..ولانغلق الباب خلفه..سألها بعد أن تشمم رائحة الحجرة وقبل أن يزعق على جاره ويدخلها الثلاجة ..لماذا كانت باردة تحته مفعمة بالحياة بعد أن يخرج..أغلق الباب وخرج ..دون في الدفتر الاسم ..والسن التفت وأدرك أنه في هذه اللحظة العاطلة ..يمكنه مواجهة العالم ..نظر إلى السور فشاهد الكلب ينظر له ..فانحنى والتقط حجر .. فاختفى الكلب .. عاد وتأكد أن الباب مغلق ..شده جيدا ..في المرة السابقة دخل الكلب فشاهده فوقها ..ملتهما جزءا من الشفتى العليا بعد أن انتهى من أرنبة الأنف ..كاشفا عظمة الأنف لعيون البنت التي رفضت أن تدفن أمها بدون أنف مقطوعة الشفة ..حاول أن يفهما أنه الكلب .. وهى لأتصدق ..حاول أن يبكى،لكنه خاف أن تشاهده وهو يبكى.. فسكت .. لملم أحزانه وانزوى بجانب الحائط ..فكر فى ألف احتمال ، وضرب ألف احتمال أخر بألف حجر ..حين عاد من شروده،سمع أولاد الحلال يقولون إكرام الميت دفنه .. الرجل لا ذنب له..ذو أربعة أولاد ..جففت عيونها ..وسكتت ..لكن الشيء المحير أن زميله حسان الذي يقاسمه يومه..لا يغلق الباب خلفه ..وعندما سأله مد بوذه ولم يهتم .
جر الكرسي الخشبي خارج الباب الخارجي ..وجلس ..كان الشارع مزدحما بالناس والعربات والكلاب ..وجاره ليس له اثر ..نظر إلى ساعته التي توقفت من مدة ، وجدها تشير إلى الحادية عشرة..هزها..فأشارت إلى الواحدة أبتسم.. وسأل البنت التي مرت من أمامه فبصقت على الأرض ..على الرصيف المقابل شاهدها تنتظر أن تكف العربات عن المرور ..تأكد أنها هي.. بجلبابها الأسود وجهها الأحمر ..عينيها بالرغبة تنطق ، رمت جسدها في وسط الشارع ..فبصق السائق الذي كاد أن يصدمها ..قال لها بعد أن دفع الكرسي بعيدا ..جرى إليها ..كانت تتحرك ببطء .. على زارعه أسندها وأنتظر أن تنطق لكنها دائما تلتزم الصمت ..أبتسم ..وعاد وأجلسها على الكرسي.. وهى تتأمله ..أمسك بيدها ..جرها ..تركت الكرسي وهى متمسكة به ..فتح الباب ..فرسمت على وجهها علامات الخوف ارتعشت عندما دفعها الهواء المحبوس داخلها تراجعت خطوتين ، فدفعها هو كانت هي مازالت على الرخامة الطويلة .. مقطوعة الأنف ..مقطوعة الشفة العليا ..أحضر ملاءة بيضاء وغطاها ..نفض عن جبينه صورتها ..سقطت على الأرض ..تنظر له وبكل ما تحمل من أسئلة ابتسمت..ناداها.. فتردد صوته بقوة داخلها ..وترددت هي خوفا من مصير مجهول ..جرت قدميها وأسندت جسدها على البلاطات الباردة المعلقة على الحائط ..أحست أنها جاءت من مسافة يعيده ..كأن هو في أخرها فاتحا ذراعيه..محتضنا مات بقى من وعيها ..وقفت بجواره..أشار لها فخلعت جلبابها الأسود..قالت مترددة:
معلش خليك معايا
أبتسم ..فأسرعت وخلعت ما تبقى من ملابسها ،أحست بالبرودة ..فتلملمت ..قدم لها صابونه قديمه ..وقطعة ليفه حمراء ..مررت الجسد المشرئب عليها ..أشارت له أن يمررها على ظهرها ..دخلت يده داخلها ..أحنت واستقامت ..ارتعشت ..وأحس بالنار تخرج من جسده ..حاولت ..لكنه لم يترك لها شيئا لتتمسك به ..نبشت أظافرها حوله ..حاولت أن تصرخ ..لكنه مثل كل مره أحس بها مفعمة بالحياة ..فعوى ..خافت وأنقض عليها .. لحظات توقف عندها الزمن ..فنظر إلى ساعته فأشارت إلى الواحدة .. سحب نفسه منها ..لملم جسده من بلاطات الثلاجة الباردة وارتمى في الركن المظلم متعبا ..حاولت هي أن تجمع ملابسها فلم تستطع ..كما هي جلست شاخصة إلى سقف الثلاجة ..مرتعبة تفكر في الاشىء ..بعد لحظات طويلة أحست بالضعف والمرارة ترتفع إلى حلقها ،حاولت أن تبصق ..أن ترفع يدها ..أن تفعل شيئا ..وهو جالس مستمتع بتلك النهاية التي يعرفها عن ظهر قلب..أخرج سيجارته وبدأ يدخن .. ارتفعت قليلا وتأملت ذلك الجسد ..وسقطت الملاءة عنها بحثت عن ملابسها..وعندما لم تجدها خرجت كما هي عارية تحمل جسدا تتساقط أجزاؤه ..بقرب النهاية رأى شيئا ابيض يخرج منها..لم تلتفت وإنما جلست على الرخامة الطويلة ..تمددت ببطء كان هو يخرج منها بكل عنفوانه وثقل جسده ......
محمد الليثى محمد
أسوان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحلة فى أعماق شاعر : الشاعر إيليا أبو ماضى بقلم محسن الوردانى

الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى أحد أبرز شعراء المهجر فى القرن العشرين جاء إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة والتقى بالكاتب اللبنانى انطوان جميل ودعاه انطوان للكتابة فى مجلة الزهور فبدأ فى نشر قصائد بالمجلة . صدر له عام 1911 ديوان      تذكار الماضى هاجر عام 1912 الولايات المتحدة وأسس الرابطة القلمية  مع جبران خليل جبران وميخائيل نعمه توفى سنة 1957 يقول ايليا أبو ماضى فى قصيدته ليس السر في السنوات قل للذي أحصى السنين مفاخرا     يا صاح ليس السرّ في السنوات لكنه في المرء كيف يعيشها     في يقظة ، أم في عميق سبات قم عدّ آلاف السنين على الحصى     أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟ خير من الفلوات ، لا حدّ لها ،     روض أغنّ يقاس بالخطوات كن زهرة ، أو نغمة في زهرة،     فالمجد للأزهار والنغمات تمشي الشهور على الورود ضحوكة     وتنام في الأشواك مكتئبات وتموت ذي للعقم قبل مماتها     وتعيش تلك الدهر في ساعات تحصى على أهل الحياة دقائق     والدهر لا يحصى على الأموات ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ                       كالبيت مهجورا وكالمومات جعل السنين مجيدة وجميلة     ما في مطاويها من الحسنات وهنا يتحدث إيليا ابو ماضى

ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان

* ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان في مدينة فينيسا "البندقية" بإيطاليا، كان اليهودي الجشع"شيلوك" قد جمع ثروة طائلة من المال الحرام..فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش..وكانت مدينة البندقية في ذلك الوقت من أشهر المدن التجارية، ويعيش فيها تجار كثيرون من المسيحيين..من بينهم تاجر شاب اسمه"انطونيو". كان "انطونيو"ذا قلب طيب كريم..وكان لا يبخل على كل من يلجأ إليه للاقتراض دون ان يحصل من المقترض على ربا او فائدة.لذلك فقد كان اليهودي "شيلوك"يكرهه ويضمر له الشر بالرغم مما كان بيديه له من نفاق واحترام مفتعل. وفي اي مكان كان يلتقي فيه "انطونيو"و"شيلوك"كان "انطونيو"يعنفه ويوبخه، بل ويبصق عليه ويتهمه بقسوة القلب والاستغلال.وكان اليهودي يتحمل هذه المهانه، وفي الوقت نفسه كان يتحين أيه فرصة تسنح له للانتقام من "انطونيو". وكان جميع اهالي "البندقية"يحبون "انطونيو" ويحترمونه لما عرف عنه من كرم وشجاعة ،كما كان له أصدقاء كثي

قصيدة (الكِرْش.. بين مدح وذمّ!)

• الكِرْشُ مفخرةُ الرجالِ، سَمَوْا به ** وتوسَّدوه، ووسَّدوه عيالا • خِلٌّ وفيٌّ لا يخونُ خليلَهُ ** في الدرب تُبصِرُ صورةً وخيالا = = = = = - الكِرْشُ شيءٌ يا صديقُ مُقزِّزٌ ** وصف البهائم، لا تكنْ دجَّالا! - وكـ "واو" عمرٍو للصديق ملازمٌ ** قد أورَثَ الخِلَّ الوفيَّ ملالا! = = = = = • يا صاح ِ، إنّي قد رضيتُ مشورةً ** إنّ المشورة ليس تعدلُ مالا • مَن للعيال مُداعِبٌ ومُؤانِسٌ ** مَن غيرُه سيُأرجِحُ الأطفالا؟ • مَن لـ "المدام" إذا الوسادُ تحجَّرتْ ** يحنو عليها خِفَّةً ودلالا؟ • مَن للطعام إذا ملأتم سُفْرةً ** حمَلَ البقيَّةَ فوقه، ما مالا؟ • مَن تستعينُ به لإطرابِ الألى ** غنَّوْا، وطبَّلَ راقصًا ميَّالا؟ = = = = = - أضحكتني؛ إذ كان قولُك ماجنًا ** وظهرتَ لي مُتهتِّكًا مُحتالا! - لكنَّه عند التحقُّق عائقٌ ** وقتَ الجهاد يُقهقِرُ الأبطالا - إنَّ النحافة في الوغى محمودةٌ ** والكِرْشُ ذُمَّ حقيقةً ومقالا - إذ صاحبُ الكرش ِ العظيم ِ لُعابُه ** إنْ أبصرَ الأكلَ المُنمَّقَ سالا = = = = = • هَبْ أنَّ ما حدَّثتني به واقعٌ ** ما ضرَّه لو