التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الغريبُ (قصةٌ قصيرةٌ) بقلم أحمد عبد السلام

الغريبُ (قصةٌ قصيرةٌ)
سألها طفلُها: هل هناك حياة على الكواكب الأخرى؟
لم تدرِ بم تجيبه، ترددت قليلًا، ثم هزت رأسها بالنفي!
رمقته من وراء الزجاج، وقد وقف في باحة المكتبة، يقطر منه الماءُ، كأنه تمثالُ شلالٍ في ميدان عام، يقلب ناظريه في السماء، غير عابئ بالمطر الهاطل على رأسه، كيف لم تره من قبل، وهي أمينة المكتبة من عشرين عامًا؟
بمجرد أنْ دلف للداخل، انقطع التيار الكهربي، ثم عاد، خلع رداءه، وعلَّقه على المشجب، قدمت له مناديل، ليجفف بها يديه ورأسه، تعجبت حين رأته جافًا، ابتسامته الشاكرة كشفت عن سن ذهبي براق، لمعت عيناه كعيني قط في الظلام، زاد عجبها من صوته الآلي، وهو يسأل عن كتب الفضاء، مسح الأرفف بعينيه، التقط عدة كُتب، وانتحى جانبًا من قاعة المطالعة، انشغلت عنه ساعة بخدمة الآخرين، حين التفتتْ إليه، بدا وكأنَّ عينيه عدستا تصوير، تلتهمان الأوراق، ابتسم في امتنان ثم غادر، داوم على هذا خمسة أيام متتالية: في التوقيت نفسه، بالهدوء ذاته، بالدأب عينه، ثم انقطع شهرًا، لم تجد صورته في الكاميرا لتطبعها، وصفته لأهل البلدة الصغيرة، لم يتعرف عليه أحد، لم يزر الطبيب، لم يقابله الصيدلي، لم يره المحامي، لم يستدل عليه البقال، لم يشاهده عامل الوقود، لم تتذكره مديرة المدرسة، أنكره مدير النادي. على التلفاز كانت تُبث حلقة عن رصد مركبة فضائية هبطتْ في الصحراء، ومكثتْ أيامًا، ثم غادرتْ، خلال هذه الأيام، كانت كل خطوط الاتصال مشوشة.
ذات مساء، كان صغيرها يلهو بجهاز استقبال الذبذبات الدقيقة، استرعت انتباهها رناتٌ متقطعة، سارعت إلى تسجيلها، وعرضِها على برنامج فضائي على الشبكة، تعرف البرنامج على رسالة شكر باسمها صيغت بلغة كونية، أرسلت منذ شهر مِن مكان ما، وراء المجرة.
أحمد عبد السلام - مصر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحلة فى أعماق شاعر : الشاعر إيليا أبو ماضى بقلم محسن الوردانى

الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى أحد أبرز شعراء المهجر فى القرن العشرين جاء إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة والتقى بالكاتب اللبنانى انطوان جميل ودعاه انطوان للكتابة فى مجلة الزهور فبدأ فى نشر قصائد بالمجلة . صدر له عام 1911 ديوان      تذكار الماضى هاجر عام 1912 الولايات المتحدة وأسس الرابطة القلمية  مع جبران خليل جبران وميخائيل نعمه توفى سنة 1957 يقول ايليا أبو ماضى فى قصيدته ليس السر في السنوات قل للذي أحصى السنين مفاخرا     يا صاح ليس السرّ في السنوات لكنه في المرء كيف يعيشها     في يقظة ، أم في عميق سبات قم عدّ آلاف السنين على الحصى     أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟ خير من الفلوات ، لا حدّ لها ،     روض أغنّ يقاس بالخطوات كن زهرة ، أو نغمة في زهرة،     فالمجد للأزهار والنغمات تمشي الشهور على الورود ضحوكة     وتنام في الأشواك مكتئبات وتموت ذي للعقم قبل مماتها     وتعيش تلك الدهر في ساعات تحصى على أهل الحياة دقائق     والدهر لا يحصى على الأموات ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ                       كالبيت مهجورا وكالمومات جعل السنين مجيدة وجميلة     ما في مطاويها من الحسنات وهنا يتحدث إيليا ابو ماضى

ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان

* ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان في مدينة فينيسا "البندقية" بإيطاليا، كان اليهودي الجشع"شيلوك" قد جمع ثروة طائلة من المال الحرام..فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش..وكانت مدينة البندقية في ذلك الوقت من أشهر المدن التجارية، ويعيش فيها تجار كثيرون من المسيحيين..من بينهم تاجر شاب اسمه"انطونيو". كان "انطونيو"ذا قلب طيب كريم..وكان لا يبخل على كل من يلجأ إليه للاقتراض دون ان يحصل من المقترض على ربا او فائدة.لذلك فقد كان اليهودي "شيلوك"يكرهه ويضمر له الشر بالرغم مما كان بيديه له من نفاق واحترام مفتعل. وفي اي مكان كان يلتقي فيه "انطونيو"و"شيلوك"كان "انطونيو"يعنفه ويوبخه، بل ويبصق عليه ويتهمه بقسوة القلب والاستغلال.وكان اليهودي يتحمل هذه المهانه، وفي الوقت نفسه كان يتحين أيه فرصة تسنح له للانتقام من "انطونيو". وكان جميع اهالي "البندقية"يحبون "انطونيو" ويحترمونه لما عرف عنه من كرم وشجاعة ،كما كان له أصدقاء كثي

قصيدة (الكِرْش.. بين مدح وذمّ!)

• الكِرْشُ مفخرةُ الرجالِ، سَمَوْا به ** وتوسَّدوه، ووسَّدوه عيالا • خِلٌّ وفيٌّ لا يخونُ خليلَهُ ** في الدرب تُبصِرُ صورةً وخيالا = = = = = - الكِرْشُ شيءٌ يا صديقُ مُقزِّزٌ ** وصف البهائم، لا تكنْ دجَّالا! - وكـ "واو" عمرٍو للصديق ملازمٌ ** قد أورَثَ الخِلَّ الوفيَّ ملالا! = = = = = • يا صاح ِ، إنّي قد رضيتُ مشورةً ** إنّ المشورة ليس تعدلُ مالا • مَن للعيال مُداعِبٌ ومُؤانِسٌ ** مَن غيرُه سيُأرجِحُ الأطفالا؟ • مَن لـ "المدام" إذا الوسادُ تحجَّرتْ ** يحنو عليها خِفَّةً ودلالا؟ • مَن للطعام إذا ملأتم سُفْرةً ** حمَلَ البقيَّةَ فوقه، ما مالا؟ • مَن تستعينُ به لإطرابِ الألى ** غنَّوْا، وطبَّلَ راقصًا ميَّالا؟ = = = = = - أضحكتني؛ إذ كان قولُك ماجنًا ** وظهرتَ لي مُتهتِّكًا مُحتالا! - لكنَّه عند التحقُّق عائقٌ ** وقتَ الجهاد يُقهقِرُ الأبطالا - إنَّ النحافة في الوغى محمودةٌ ** والكِرْشُ ذُمَّ حقيقةً ومقالا - إذ صاحبُ الكرش ِ العظيم ِ لُعابُه ** إنْ أبصرَ الأكلَ المُنمَّقَ سالا = = = = = • هَبْ أنَّ ما حدَّثتني به واقعٌ ** ما ضرَّه لو