التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عمالقة الأدب العربى الحديث والتكريم العالمي بقلم د / طارق رضوان

قد منحت جائزة نوبل عام 1988 للأديب العربيّ المصري نجيب محفوظ وهلّل الرأي العام العربي فرحاً لذلك الحدث الثقافي،وعدّه اعترافاً متأخراً بعالميّة الأدب العربي الحديث، وتكريماً لا لنجيب محفوظ وحده بل للأدب العربي بأكمله، ولكنّ ذلك لم يحل دون أن ترتفع في الوطن العربي بعض الأصوات التي تشكك في النوايا الكامنة وراء منح الجائزة لهذا الأديب، وتزعم أنّ ذلك قد تم مكافأة له على مواقفه السياسية المؤيدة للسلام المنفرد الذي عقده الرئيس المصري الراحل أنور السادات مع الحكومة الإسرائيلية . ورغم ما ظهر في الرأي العام العربي من انقسام حول تلك المسألة فإنّ منح جائزة نوبل للأديب العربي نجيب محفوظ قد شكل حافزاً إلى مزيد من التفكير والتعمق في مسألة عالمية الأديب العربي الحديث انطلاقاً من حالة نجيب محفوظ الذي اعترف العالم بعالميته. وفي ذلك السياق أثيرت قضايا مهمّة، كقضية العلاقة بين المحلية والعالمية، أي هل يتنافى الطابع المحلي الذي يتسم به الأدب مع عالميته أم يشكّل ذلك الطابع شرطاً من شروط العالمية. ومن تلك القضايا قضية الترجمة الأدبية ودورها في التعريف بالإبداعات الأدبية العربية وفي صنع عالمية الأدب العربي.
انّ منح جائزة نوبل للآداب لم يكن المناسبة الوحيدة لإثارة مسألة عالمية الأدب العربي الحديث، بل ثمة مناسبات كثيرة أخرى لإثارة هذه المسألة. ومن تلك المناسبات قيام محفل ثقافي أجنبي بتكريم أديب عربيّ معاصر، عبر منحه جائزة أدبية وإقامة احتفال أو ندوة بهذه المناسبة، كتكريم الشاعر العربي الفلسطيني محمود درويش سنة 1997 في فرنسا من قبل (اليونسكو) ، وتكريم الكاتب المغربي طاهر بن جلون بمنحه جائزة (غونكور) الفرنسية، وتكريم القاصّ السوري رفيق شامي في ألمانيا بمنحه جائزة (كاسيمو) وغير ذلك من أعمال التكريم. فقد كان الرأي العامّ العربيّ يسعد بها ويرى فيها اعترافاً بعالمية الأدب العربيّ الحديث. ومن المناسبات التي يكثر فيها الحديث عن تلك العالميّة وفاة أديب عربي كبير كالكاتب المسرحيّ السوريّ سعد الله ونوس. فقد اتسم ما كتب وقيل بتلك المناسبة الأليمة بالتركيز على أنّ الفقيد لم يكن مجرد كاتب مسرحيّ سوريّ أو عربيّ بل كان كاتباً مسرحيّاً عالمياً. وثمة مناسبة أخرى للحديث عن عالمية الأدب العربي الحديث، ألا وهي صدور ترجمات لأعمال أدبية إلى لغات أجنبيّة، إذ تقوم الصحافة الثقافية العربية بتلقف أخبار صدور تلك الترجمات وتبرزها كأنها فتوح ثقافية خارجية ودليل ملموس على أن الأدب العربي قد دخل مرحلة العالمية. لقد أظهر الرأي العامّ العربيّ بهذه المناسبات كلها أنه مهتمّ جدّاً بمسألة عالمية الأدب العربي الحديث، وأن هذه المسألة تمثل قضية ثقافية عربية ذات أهمية كبيرة. ومن المرجح أن يزداد الاهتمام العربي بهذه القضية، وذلك في ضوء تنامي ظاهرة العولمة الثقافية وما يرافقها من تصاعد للنقاش العربي حول ما تنطوي عليه تلك الظاهرة من مخاطر وفرص بالنسبة للثقافة العربية
ترى ماذا يكمن وراء هذا الاهتمام العربي الكبير بمسألة عالمية الأدب العربي الحديث؟ أهو التعويض عن عقدة نقص ثقافية جمعيّة تجاه الآداب الأجنبية؟ أم هي الرغبة في التفوق وإحراز البطولة بغرض التباهي الوطني والقومي، مثلما يحدث في المباريات الرياضية؟ أم هو الشعور بالظلم والإحباط لأن العالم الخارجي لا يبدي اهتماماً كافياً بالأدب العربي بل يتجاهل ما فيه من إنجازات؟ من المرجَح أنّ وراء التعطش العربي للاعتراف بعالمية الأدب العربي الحديث دوافع ومشاعر وطنية أو قوميّة. فالعرب أمّة لها تاريخ طويل من الاعتداد بلغتها (لسانها) التي اختيرت لغة للقرآن الكريم. وهي أمّة شديدة الاعتداد بفصاحتها وبلاغة أدبها وبيانه، إلى درجة أنها كانت ردحاً طويلاً من الزمن غير قادرة على أن تتصور أن لدى الأمم الأخرى (الأعاجم) فصاحة في اللسان وبلاغة في الأدب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحلة فى أعماق شاعر : الشاعر إيليا أبو ماضى بقلم محسن الوردانى

الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى أحد أبرز شعراء المهجر فى القرن العشرين جاء إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة والتقى بالكاتب اللبنانى انطوان جميل ودعاه انطوان للكتابة فى مجلة الزهور فبدأ فى نشر قصائد بالمجلة . صدر له عام 1911 ديوان      تذكار الماضى هاجر عام 1912 الولايات المتحدة وأسس الرابطة القلمية  مع جبران خليل جبران وميخائيل نعمه توفى سنة 1957 يقول ايليا أبو ماضى فى قصيدته ليس السر في السنوات قل للذي أحصى السنين مفاخرا     يا صاح ليس السرّ في السنوات لكنه في المرء كيف يعيشها     في يقظة ، أم في عميق سبات قم عدّ آلاف السنين على الحصى     أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟ خير من الفلوات ، لا حدّ لها ،     روض أغنّ يقاس بالخطوات كن زهرة ، أو نغمة في زهرة،     فالمجد للأزهار والنغمات تمشي الشهور على الورود ضحوكة     وتنام في الأشواك مكتئبات وتموت ذي للعقم قبل مماتها     وتعيش تلك الدهر في ساعات تحصى على أهل الحياة دقائق     والدهر لا يحصى على الأموات ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ                       كالبيت مهجورا وكالمومات جعل السنين مجيدة وجميلة     ما في مطاويها من الحسنات وهنا يتحدث إيليا ابو ماضى

ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان

* ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان في مدينة فينيسا "البندقية" بإيطاليا، كان اليهودي الجشع"شيلوك" قد جمع ثروة طائلة من المال الحرام..فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش..وكانت مدينة البندقية في ذلك الوقت من أشهر المدن التجارية، ويعيش فيها تجار كثيرون من المسيحيين..من بينهم تاجر شاب اسمه"انطونيو". كان "انطونيو"ذا قلب طيب كريم..وكان لا يبخل على كل من يلجأ إليه للاقتراض دون ان يحصل من المقترض على ربا او فائدة.لذلك فقد كان اليهودي "شيلوك"يكرهه ويضمر له الشر بالرغم مما كان بيديه له من نفاق واحترام مفتعل. وفي اي مكان كان يلتقي فيه "انطونيو"و"شيلوك"كان "انطونيو"يعنفه ويوبخه، بل ويبصق عليه ويتهمه بقسوة القلب والاستغلال.وكان اليهودي يتحمل هذه المهانه، وفي الوقت نفسه كان يتحين أيه فرصة تسنح له للانتقام من "انطونيو". وكان جميع اهالي "البندقية"يحبون "انطونيو" ويحترمونه لما عرف عنه من كرم وشجاعة ،كما كان له أصدقاء كثي

قصيدة (الكِرْش.. بين مدح وذمّ!)

• الكِرْشُ مفخرةُ الرجالِ، سَمَوْا به ** وتوسَّدوه، ووسَّدوه عيالا • خِلٌّ وفيٌّ لا يخونُ خليلَهُ ** في الدرب تُبصِرُ صورةً وخيالا = = = = = - الكِرْشُ شيءٌ يا صديقُ مُقزِّزٌ ** وصف البهائم، لا تكنْ دجَّالا! - وكـ "واو" عمرٍو للصديق ملازمٌ ** قد أورَثَ الخِلَّ الوفيَّ ملالا! = = = = = • يا صاح ِ، إنّي قد رضيتُ مشورةً ** إنّ المشورة ليس تعدلُ مالا • مَن للعيال مُداعِبٌ ومُؤانِسٌ ** مَن غيرُه سيُأرجِحُ الأطفالا؟ • مَن لـ "المدام" إذا الوسادُ تحجَّرتْ ** يحنو عليها خِفَّةً ودلالا؟ • مَن للطعام إذا ملأتم سُفْرةً ** حمَلَ البقيَّةَ فوقه، ما مالا؟ • مَن تستعينُ به لإطرابِ الألى ** غنَّوْا، وطبَّلَ راقصًا ميَّالا؟ = = = = = - أضحكتني؛ إذ كان قولُك ماجنًا ** وظهرتَ لي مُتهتِّكًا مُحتالا! - لكنَّه عند التحقُّق عائقٌ ** وقتَ الجهاد يُقهقِرُ الأبطالا - إنَّ النحافة في الوغى محمودةٌ ** والكِرْشُ ذُمَّ حقيقةً ومقالا - إذ صاحبُ الكرش ِ العظيم ِ لُعابُه ** إنْ أبصرَ الأكلَ المُنمَّقَ سالا = = = = = • هَبْ أنَّ ما حدَّثتني به واقعٌ ** ما ضرَّه لو