التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قصة قصيرة حرية فضفاضة بقلم منى الصراف / العراق


قصة قصيرة

حرية فضفاضة
-------------

وجدت الحافلة ممتلئة حتى اخرها فتمسكت بالعمود المعدني لكي تبحث لها عن مكان شاغر ، أقتربت من المنتصف ..فخاطبها صوت شاب من قرب وهو يوميء لها أن تجلس مكانه
ولكنها رفضت ولم تبالِ .. الا أنه الح عليها في الطلب فاجابته بشدة
:لِمَ تعتقدون أن الأنثى عاجزة وليست مثلكم يمكنها الوقوف فنحن لانختلف عنكم ، ولدينا اعمال تشابه اعمالكم في بعض الاحيان ، لمَ هذه الاستهانة بنا .
شعر الشاب باالاحراج وهو ينظر الى ركاب الحافلة وبعضهم يغط بالخجل كما هو ... والبعض همهم بسره تستاهل !!
.. رد عليها الشاب ببعض كلمات والعرق يتصبب من كل مسامة في جسده
:لم أقصد الأساءة اليكِ ولم يكن تصرفي هذا من باب اعتبركِ غير كفؤ لي انما هو الاحترام والمعاملة الناعمة التي يجب ان تحظى بها المرأة ، حين اقف لكِ احتراماً او افتح باب سيارتي لتصعدي قبلي او اقف عوضاً عنكِ في طابور الخبز.. هذا لايعني ضعفكِ وانما لكونكِ انتِ انا .. اختاه .
شعر بيد الجالس قربه وهو يطبطب على ظهره ويهمس بأذنه كان رجلاً ضخم الجسد اسمر اللون وشعره مرتب بعناية فائقة يرتدي قميص مزركش ضيق تكاد عضلاته تتفجر من تحته :- انت المذنب هذه من النساء اللواتي ينادين بالمساواة ،تبا لهن عجباً هل يستطعن مثلا التبول مثلنا في الشارع !؟ نظر الشاب اليه والحافلة تسير وصلت الى مكان خرب قال له
:- انظر لذلك الكلب الذي في الشارع هو ايضا يستطيع التبول دون تفاخر؟؟.... ثم فاجئه بسؤال ... هل تعتقد ان التبول في الشارع ميزة تحسب لنا عليهن .....؟! اجابه ووو لااعرف هذا ماخطر ببالي ولكن المرأة تحتاج الى الشدة ووجه غليظ يشعرها انها تابعة دوماً ايها الشاب ..
رن هاتفه وكان هو المنقذ الوحيد لهذا الشاب من تفاهة حديثة .. فتح الخط وصوت انبعث منه وصراخ امرأة سمعها المحطيون به وهي تنهره بشدة على تأخره في العودة الى البيت وهي تنتظر وامها طعام الغداء الذي كان من المفترض ان يصل اليهن قبل ساعة ، وكلمات منه وتوسلاته واعذار بسبب تأخر الحافلة عليه تغيرت تلك النبرة العنيفة ولون وجهه اصبح ياخذ الوان قوس قزح مع كل اعتذار لزوجته .. نظر اليه الشاب بعد ان غلق هاتفه والابتسامة غطت وجهه الجميل الناعم في تفاصيله..... وصوت احد الركاب وقد اشتاط غضبا من هذه الحوارات التي دارت حول المرأة والمساواة بين الرجل
قال لهم : - أن الأم هي المسؤول الاول في صناعة المرأة لانها تصنع أمرأة اخرى بنسخة مماثلة لها لتكون متاعاً للرجل وخادمة مطيعة .
ردت عليه امرأة عجوز تجلس امامه وبيدها حفيد صغير لابنتها الجالسة معها
: - أن الأم تصنع هذه المرأة خوفاً عليها من هجر الرجل ونظرة المجتمع لها . زادت وتيرة التداخلات في هذا الحوار رد اخر من مكان بعيد عنهم
: - هل تعلمون لو استطعنا تحرير المرأة استطعنا بعدها تحرير الرجل لكن الرجل يخشى ذلك خوفا على ملكيته وهو ايضا يعاني القمع وضعفه امام السلطة لذلك لا حرية للمرأة او الرجل ما دامت تلك الأنظمة السياسية والاقتصادية والأجتماعية غير حرة .
كانت هناك امرأة ناعمة وجميلة تقف بجانب الفتاة التي رفضت مكرمة الرجل لها ومشجعه لموقفها بنظرات اعجاب وجهت حديثها للجميع
: - لماذا لا يحق لنا مصادرة حرية الرجل !؟ في حين نفعل ذلك مع المرأة ان تلك الاغلال التي وضعتموها حول جسد المرأة لا يمنعها من ممارسة الذي تريده ، وأن حريتنا هي أتخاذ القرارات وتحديد مصيرها بدون تلك الوصايا هي المسؤولة الوحيدة عنها . هي حرية منحلة وحرية مقيدة بشروط ، وأتهام حواء بأنها السبب في خروج آدم من الجنة واصبحت بعدها أصل لكل بلية ، وذلك الخروج من ضلعه الاعوج ، صراع بين الأصل الذكر والانثى الفرع ، في حين أن الجنس حدد بيولوجياً ولا يمكن تغيره . فلماذا تظلم المرأة باعضائها بينما الاثنان خلقا من نفس الطينة .. وان فكرت بالتصرف كونها انسان كما هو الرجل ستتهم بتقليده .. أننا نربي بناتنا في سبيل الزواج اكثر مما نفكر في تطوير شخصيتها ، فتجد الفتاة في الزواج المزايا والهدف الاكبر
رد عليها أخر : - ان حرية المرأة بمفهومها السطحي ذلك حين تندرج من باب الأباحية والفساد وحين تجدين هناك رجال دين لا يكلون من ترسيخها بأذهان الناس ليل نهار .. ان هذه العملية متوارثه عزيزتي منذ قرون وإبعاد المرأة عن الرجل مصدر الشهوات .
اجابته المرأة : - مصيبتنا هو هذا البعد الجسدي فقط فما هي سوى عورة يجب مراقبتها وطمس هويتها ، ثم من قال ان الرجل هو مصدر الشهوات فقط !؟
قالت كلماتها هذه وهي تضحك واخذت لها مكاناً اكثر التصاقاً بتلك الفتاة وتتلمسها بين اللحظة والاخرى بأناملها الناعمة وتنظر اليها بشهوة كبيرة وكلما ازدات مطبات الحافلة في الشارع تلتصق هي بحميمية بجسد هذه الفتاة ..
شعرت عندها الفتاة بالريبة منها اخذت لها مكانا ابعد بقليل عن جسدها لكن نظرات تلك المرأة من انفكت تبتعد عنها وهي تشعر بالقشعريرة في كل مسامة من جسدها .
البعض شعر بنشوة الانتصار بطرح افكاره والأخر بفخريته بتلك الذكورية التي يمتلكها في حين آثر الاخرون الصمت والاستمتاع بتلك الحوارات التي اشتعلت بها الحافلة .
رن رجل عجوز جرس النزول لاعلام السائق بالتوقف ، اخذ العمر منه مأخذه وعصا تساعده على السير ، قال لهم وهو بطريقه للنزول
: - لو وصل العمر بكم كالذي وصلت له انا الان سترون ان هذه الدنيا ليست سوى لعبة بين ذكر وانثى وصراع دام قرون ، كلنا نمتلك العيوب ولكن هناك من هو بارع في اظهار محاسنه او هرائه ، حتى انتصاراتكم بعد حين من الزمن ستصبح هزائم وابهام يشير الى قبوركم ومثواكم الأخير وانتم مازلتم تنعمون بظل الشجر ..!!
حين تصلون الى عمري وتنتهي لديكم تلك الغرائز ستعودون كما خلقتم اول مرة اطفالاً بدون هوية مزيفة واعضاء ميزتكم عن بعض ..
ستعود انساناً فقط ..كما خلقت .

منى الصراف / العراق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحلة فى أعماق شاعر : الشاعر إيليا أبو ماضى بقلم محسن الوردانى

الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى أحد أبرز شعراء المهجر فى القرن العشرين جاء إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة والتقى بالكاتب اللبنانى انطوان جميل ودعاه انطوان للكتابة فى مجلة الزهور فبدأ فى نشر قصائد بالمجلة . صدر له عام 1911 ديوان      تذكار الماضى هاجر عام 1912 الولايات المتحدة وأسس الرابطة القلمية  مع جبران خليل جبران وميخائيل نعمه توفى سنة 1957 يقول ايليا أبو ماضى فى قصيدته ليس السر في السنوات قل للذي أحصى السنين مفاخرا     يا صاح ليس السرّ في السنوات لكنه في المرء كيف يعيشها     في يقظة ، أم في عميق سبات قم عدّ آلاف السنين على الحصى     أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟ خير من الفلوات ، لا حدّ لها ،     روض أغنّ يقاس بالخطوات كن زهرة ، أو نغمة في زهرة،     فالمجد للأزهار والنغمات تمشي الشهور على الورود ضحوكة     وتنام في الأشواك مكتئبات وتموت ذي للعقم قبل مماتها     وتعيش تلك الدهر في ساعات تحصى على أهل الحياة دقائق     والدهر لا يحصى على الأموات ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ                       كالبيت مهجورا وكالمومات جعل السنين مجيدة وجميلة     ما في مطاويها من الحسنات وهنا يتحدث إيليا ابو ماضى

ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان

* ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان في مدينة فينيسا "البندقية" بإيطاليا، كان اليهودي الجشع"شيلوك" قد جمع ثروة طائلة من المال الحرام..فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش..وكانت مدينة البندقية في ذلك الوقت من أشهر المدن التجارية، ويعيش فيها تجار كثيرون من المسيحيين..من بينهم تاجر شاب اسمه"انطونيو". كان "انطونيو"ذا قلب طيب كريم..وكان لا يبخل على كل من يلجأ إليه للاقتراض دون ان يحصل من المقترض على ربا او فائدة.لذلك فقد كان اليهودي "شيلوك"يكرهه ويضمر له الشر بالرغم مما كان بيديه له من نفاق واحترام مفتعل. وفي اي مكان كان يلتقي فيه "انطونيو"و"شيلوك"كان "انطونيو"يعنفه ويوبخه، بل ويبصق عليه ويتهمه بقسوة القلب والاستغلال.وكان اليهودي يتحمل هذه المهانه، وفي الوقت نفسه كان يتحين أيه فرصة تسنح له للانتقام من "انطونيو". وكان جميع اهالي "البندقية"يحبون "انطونيو" ويحترمونه لما عرف عنه من كرم وشجاعة ،كما كان له أصدقاء كثي

قصيدة (الكِرْش.. بين مدح وذمّ!)

• الكِرْشُ مفخرةُ الرجالِ، سَمَوْا به ** وتوسَّدوه، ووسَّدوه عيالا • خِلٌّ وفيٌّ لا يخونُ خليلَهُ ** في الدرب تُبصِرُ صورةً وخيالا = = = = = - الكِرْشُ شيءٌ يا صديقُ مُقزِّزٌ ** وصف البهائم، لا تكنْ دجَّالا! - وكـ "واو" عمرٍو للصديق ملازمٌ ** قد أورَثَ الخِلَّ الوفيَّ ملالا! = = = = = • يا صاح ِ، إنّي قد رضيتُ مشورةً ** إنّ المشورة ليس تعدلُ مالا • مَن للعيال مُداعِبٌ ومُؤانِسٌ ** مَن غيرُه سيُأرجِحُ الأطفالا؟ • مَن لـ "المدام" إذا الوسادُ تحجَّرتْ ** يحنو عليها خِفَّةً ودلالا؟ • مَن للطعام إذا ملأتم سُفْرةً ** حمَلَ البقيَّةَ فوقه، ما مالا؟ • مَن تستعينُ به لإطرابِ الألى ** غنَّوْا، وطبَّلَ راقصًا ميَّالا؟ = = = = = - أضحكتني؛ إذ كان قولُك ماجنًا ** وظهرتَ لي مُتهتِّكًا مُحتالا! - لكنَّه عند التحقُّق عائقٌ ** وقتَ الجهاد يُقهقِرُ الأبطالا - إنَّ النحافة في الوغى محمودةٌ ** والكِرْشُ ذُمَّ حقيقةً ومقالا - إذ صاحبُ الكرش ِ العظيم ِ لُعابُه ** إنْ أبصرَ الأكلَ المُنمَّقَ سالا = = = = = • هَبْ أنَّ ما حدَّثتني به واقعٌ ** ما ضرَّه لو