التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حجرٌ (قصة قصيرة) أحمد عبد السلام- مصر

حجرٌ (قصة قصيرة)
(سوري!)
قالتها بعجرفة، في اعتذار يحتاج إلى اعتذار!
ثم عاودت الانطلاق كالسهم، وتركتني ألملم أفكاري مع هاتفي وعدساتي وأوراقي المبعثرة ، هب صديقي من كرسيه الرابض على طرف حمام السباحة بالنادي الاجتماعي، ناولني نظارتي التي عجزت عن الوصول إليها؛ إذ أحتاجها للرؤية، كما يحتاج الجندي لسلاحه، كيف لا، وهي رفيقة طفولتي، ولم تطاوعني نفسي لفراقها بعملية (ليزك)، أعدتها إلى وجهي، فارتد إلي بصري، ضحك هامسًا: أرزاق! نظرت إليه مستفهمًا، فاستطرد بابتسامة ماكرة: البعض تصدمه سيارة، عامود إنارة، جدار ناتئ، أما أنت فحظك من السماء، كما يقولون: لا تقع إلا واقفًا! قلت في استهجان: من هذه؟ قال: أستاذة جامعية لكن للأسف متزوجة! تنهدت متحسرًا، فأردف يواسيني: لا تيأس هناك بصيص أمل في انفصالها قريبًا، ولعلها بعد ذلك تكون من نصيبك!
قضيت سنوات الغربة في خدمة صاحبة الجلالة، أكابد صقيع بلاطها من جريدة لأخرى، أطارد الأخبار وتطاردني، في أجازتي السنوية دعاني صديقي لزيارته، بمكتبه في (الكمبوند) الذي يعمل به مديرًا للتسويق، على أمل إيقاعي بحبائله، لأقتني شقة أو (فيللا) تتمتع بالخصوصية، والفخامة، والجوار الراقي مع صفوة المجتمع، بمنأى عن صخب العشوائيات ومشاكلها، لست من النوع الذي ينبهر بالمطبوعات الأنيقة، فأنا سأدفع دم قلبي، لذا طاف بي في جولة على البحيرات، والمساحات الخضراء، والبوابات التي تذكرك بقلاع القرون الوسطى؛ غير أن حراسها بلباس العصر الحديث.
لما لمس صديقي زهدي في الشراء حول دفة الحديث، عدت للاستفسار عن المرأة العاصفة التي اجتاحتني عند وصولي، فازدرد رشفة من العصير الطازج وقال: طبعًا المدينة الفاضلة لم ولن توجد يومًا إلا في مخيلة الفلاسفة، فصاحبتنا مثلًا لها كل يوم شكوى: مرة من نباح كلب الجار الذي يحرمها النوم حتى توعدت بتسميمه، ومرة من مخلفات تشطيب الجار الآخر، بزعم أنها تحوي الفئران والثعابين، ولما استنكرنا منها عدم صبرها عدة أيام، كما صبر الأخرون عليها عندما قامت بتشطيب (فيللتها)، فوجئنا بتهديدها بجلب ثعابين، وتصويرها، ورفع الصور على الموقع الإليكتروني للشركة، لتفسد علينا التسويق، زادت دهشتي وهو يكمل: هل تتخيل أنها اشتكت من تلصص أفراد الأمن عليها، وإرعابها ليلًا بالصعود والنزول على السلالم، والدق على بابها؟ هذا غير عدة شكاوى أخرى من مستوى النظافة، وطول الوقوف بالسيارة أمام البوابة، قبل السماح لها بالمرور، وتدني خدمات مكافحة الآفات.
ما أذهلني حقًا هو قيام الزوج برفع دعوى حجر عليها، مستندًا إلى هذه الشكاوى المسجلة، باعتبار المربية الخلوقة مصابة بانفصام في الشخصية وفاقدة للأهلية، وقدم لهيئة المحكمة إيصالات تبرع منها بمبالغ طائلة لجمعيات الرفق بالحيوان، وتذاكر علاج نفسي بإحدى المصحات المتخصصة.
أثارت الواقعة حسي الصحفي فرحت أتقصى الحقيقة من منابعها، قبيل عودتي للخارج تبين أن الشكاوى المذكورة سُجلت بصوت الخادمة بإيعاز من الحماة، التي قامت أيضًا بعلاج خادمتها، واستخراج تذاكر العلاج باسم الدكتورة الجامعية، كما تبرعت باسمها بمبالغ طائلة سعيًا للإيقاع بها، وانتقامًا لزواج ابنها بها على كره منها.
خفت حماسة صديقي لشرائي وحدة بالتجمع السكني، وتبينت أنه تزوج بالأستاذة الجامعية عقب انتهاء عدتها من الزواج الأول.
أحمد عبد السلام- مصر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحلة فى أعماق شاعر : الشاعر إيليا أبو ماضى بقلم محسن الوردانى

الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى أحد أبرز شعراء المهجر فى القرن العشرين جاء إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة والتقى بالكاتب اللبنانى انطوان جميل ودعاه انطوان للكتابة فى مجلة الزهور فبدأ فى نشر قصائد بالمجلة . صدر له عام 1911 ديوان      تذكار الماضى هاجر عام 1912 الولايات المتحدة وأسس الرابطة القلمية  مع جبران خليل جبران وميخائيل نعمه توفى سنة 1957 يقول ايليا أبو ماضى فى قصيدته ليس السر في السنوات قل للذي أحصى السنين مفاخرا     يا صاح ليس السرّ في السنوات لكنه في المرء كيف يعيشها     في يقظة ، أم في عميق سبات قم عدّ آلاف السنين على الحصى     أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟ خير من الفلوات ، لا حدّ لها ،     روض أغنّ يقاس بالخطوات كن زهرة ، أو نغمة في زهرة،     فالمجد للأزهار والنغمات تمشي الشهور على الورود ضحوكة     وتنام في الأشواك مكتئبات وتموت ذي للعقم قبل مماتها     وتعيش تلك الدهر في ساعات تحصى على أهل الحياة دقائق     والدهر لا يحصى على الأموات ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ                       كالبيت مهجورا وكالمومات جعل السنين مجيدة وجميلة     ما في مطاويها من الحسنات وهنا يتحدث إيليا ابو ماضى

ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان

* ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان في مدينة فينيسا "البندقية" بإيطاليا، كان اليهودي الجشع"شيلوك" قد جمع ثروة طائلة من المال الحرام..فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش..وكانت مدينة البندقية في ذلك الوقت من أشهر المدن التجارية، ويعيش فيها تجار كثيرون من المسيحيين..من بينهم تاجر شاب اسمه"انطونيو". كان "انطونيو"ذا قلب طيب كريم..وكان لا يبخل على كل من يلجأ إليه للاقتراض دون ان يحصل من المقترض على ربا او فائدة.لذلك فقد كان اليهودي "شيلوك"يكرهه ويضمر له الشر بالرغم مما كان بيديه له من نفاق واحترام مفتعل. وفي اي مكان كان يلتقي فيه "انطونيو"و"شيلوك"كان "انطونيو"يعنفه ويوبخه، بل ويبصق عليه ويتهمه بقسوة القلب والاستغلال.وكان اليهودي يتحمل هذه المهانه، وفي الوقت نفسه كان يتحين أيه فرصة تسنح له للانتقام من "انطونيو". وكان جميع اهالي "البندقية"يحبون "انطونيو" ويحترمونه لما عرف عنه من كرم وشجاعة ،كما كان له أصدقاء كثي

قصيدة (الكِرْش.. بين مدح وذمّ!)

• الكِرْشُ مفخرةُ الرجالِ، سَمَوْا به ** وتوسَّدوه، ووسَّدوه عيالا • خِلٌّ وفيٌّ لا يخونُ خليلَهُ ** في الدرب تُبصِرُ صورةً وخيالا = = = = = - الكِرْشُ شيءٌ يا صديقُ مُقزِّزٌ ** وصف البهائم، لا تكنْ دجَّالا! - وكـ "واو" عمرٍو للصديق ملازمٌ ** قد أورَثَ الخِلَّ الوفيَّ ملالا! = = = = = • يا صاح ِ، إنّي قد رضيتُ مشورةً ** إنّ المشورة ليس تعدلُ مالا • مَن للعيال مُداعِبٌ ومُؤانِسٌ ** مَن غيرُه سيُأرجِحُ الأطفالا؟ • مَن لـ "المدام" إذا الوسادُ تحجَّرتْ ** يحنو عليها خِفَّةً ودلالا؟ • مَن للطعام إذا ملأتم سُفْرةً ** حمَلَ البقيَّةَ فوقه، ما مالا؟ • مَن تستعينُ به لإطرابِ الألى ** غنَّوْا، وطبَّلَ راقصًا ميَّالا؟ = = = = = - أضحكتني؛ إذ كان قولُك ماجنًا ** وظهرتَ لي مُتهتِّكًا مُحتالا! - لكنَّه عند التحقُّق عائقٌ ** وقتَ الجهاد يُقهقِرُ الأبطالا - إنَّ النحافة في الوغى محمودةٌ ** والكِرْشُ ذُمَّ حقيقةً ومقالا - إذ صاحبُ الكرش ِ العظيم ِ لُعابُه ** إنْ أبصرَ الأكلَ المُنمَّقَ سالا = = = = = • هَبْ أنَّ ما حدَّثتني به واقعٌ ** ما ضرَّه لو