قالوا في الذكرِ الحَسَن ...
عن أنس قالَ : كنتُ قاعداً مع النبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّم فمر
بجنازةٍ فقالَ : " ما هذه الجنازة "؟ قالوا: جنازة فلان الفلان كانَ
يحبُّ اللهَ ورسولَهُ ويعملُ بطاعةِ اللهِ ويسعى فيها، فقالَ رسولُ الله
صلّى الله عليه وسلّم: " وجبت، وجبت وجبت "، ومرَّ بجنازةٍ أخرى
قالوا: جنازة فلان الفلاني ، كانَ يبغضُ اللهَ ورسولَه، ويعملُ بمعصيةِ
اللهِ ويسعى فيها، فقالَ : " وجبت، وجبت، وجبت "، فقالوا : يا رسول
الله قولك في الجنازة والثناء عليها! أثني على الأوّل خيراً وعلى الآخر
شراً فقلت فيهما: وجبت وجبت وجبت؟، فقالَ : " نعم يا أبا بكر إنَّ للهِ
ملائكةً تنطقُ على ألسنةِ بني آدم بما في المرءِ من الخيرِ والشرِ " .
وقيلَ لبَعضِ الحُكَماء : ما أحمَد الأشياء ؟ قالَ : أن يَبقى للإنسان أُحدوثَة حَسَنَة .
وقالَ أكثَم بن صَيفيّ : إنَّما أنتم خَبَر ، فَطَيِّبوا أخبارَكم ، أخَذَه ابو تمّام فقالَ :
ومJا ابـنُ آدَمَ إلّا ذكـرُ صالِحَةٍ
أو ذكرُ سَيِّئَةٍ يَسري بِـهـا الكَلِمُ
أمــا سَمعتَ بِـدَهرٍ بــادَ أمَّـتــهُ
جاءَت بأخبارِها من بَعدِها أمَمُ
وقالَ الأحنَف : ما ادَّخَرت الآباءُ للأبناء ، ولا أبقَت الموتى للأحياء شيئاً
أفضَل من اصطناعِ المعروف عند ذوي الأحساب .
وقالَ آخر : إذا أقبَلَت عليكَ الدنيا فأنفق منها فإنَّها لا تفنى ، وإذا أدبَرَت
عنكَ فأنفق منها فإنَّها لا تَبقى ، أخَذَ هذا المعنى الشاعر فقال :
لا تَـبـخَـلَـنَّ بـدنـيـا وهــيَ مُقبِلَةٌ
فـليسَ يُنقِصُها التَّبذيرُ والسَّرَفُ
فإن تَوَلَّت فأحرى أن تَجودَ بها
فالحَمدُ منها إذا ما أدبَرَت خَلَفُ
وقالَ آخر :
إذا جادَت الدنيا عليكَ فَجُدْ بها
على النّاسِ طُرّاً قَبلَ أن تَتَفَلَّتِ
فلا الجودُ يُفنيها إذا هي أقبَلَت
ولا الشُّحُّ يُبقيها إذا هي وَلَّــتِ
فَقلتُ :
بِعْ مـا لَدَيكَ جَميعاً واشتَرِ الشَّرَفا
تَموتُ أنتَ ويَبقى منكَ ما سَـلَـفـا
...
...
ذكراكَ إرثُكَ فــاجعَلْ نَعتَهُ حَسَناً
والمَرءُ ما خَطَّ للتاريخِ لو عَـرَفا
...
...
إن كــانَ خيراً نَعَتهُ النّاسُ باكِيَةً
وإن أساءَ أراحَ الخَلقَ وانصَرَفا
....................................
....................................
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك فى موضوعاتنا .