التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ميه بيضا ... يااولاد الكلب . دكتور محمد زهران


كنت مع والدي - رحمة الله عليه - أثناء دخوله مستشفى التأمين الصحي لإجراء عملية ميه بيضا ، ولسبب لا أعلمه أدخلوا والدي عنبر بمفرده ، مع ترحاب من الممرضة بالوالد ، وحددوا له صباح الغد لإجراء العملية !!! ، فقلت لوالدي - رحمة الله عليه - البلد اتغيرت والخدمة اتحسنت ، والمعاملة أصبحت زي المستشفيات الخاصة المميزة ، فابتسم - رحمة الله عليه - ودعا لي بالخير ، وقال لي : ياابني ده علشان انت معايا ، وأنا سمعت دكتور بيقول للمدير وهو بيشور عليك : الراجل ده قلق ياريت سعادتك تدخلوا والده في عنبر جراحة العيون !!!! ، فاستأذنت من الوالد ونزلت أشتري بعض الاحتياجات له من المحلات القريبة من المستشفى ، وأثناء عودتي وجدت أحد المرضى بيصرخ محتاج ينام على سرير لأنه سيُجري عملية في الغد ، والممرضة مصممة تدخله عنبر زحمة ينام على الأرض للصبح !!! ، فقلت له : انت هتعمل عملية إيه ياحاج ؟ !!! ، قال لي : هعمل عملية ميه بيضا ، فقلت للمرضة : هاتيه مع الحج فيه سراير كتير فاضية ، الممرضة اتشالت واتهمدت ورفضت تدخله العنبر ، فأخذته من يده وعدلت له المخدة لينام على سرير مجاور لسرير الوالد ، والراجل دعا لي بأدعية ، أعتقد أن ما أنا فيه من حماية ربانية سببها دعاء الوالدين ، ودعاء هذا الرجل ، وبدأ كلاهما يستعرض ذكرياته ، وأنا أجلس على حرف أحد الأسرة أتابع حكاياتهما ، وأرى السعادة في مفردات والدي - بأن ثمرة مجهوده وتعبه جاءت بنتيجة - ولما طال حديث الذكريات بين والدي وهذا الصديق الجديد - خرجت لأتركهما يتحدثنا عن رحلتهما في الحياة ، وهكذا تكون أحاديث المستشفيات ، وأثناء جلوسي في الاستراحة بالقرب من باب حجرة الوالد ، وأنا أقُلب في صفحات بعض الجرائد ، فوجئت بصوت ممرضة تنادي باسم والدي واسم المريض الذي معه فعدوت مسرعاً ، ناحية العنبر ، فوجدت ممرضة غير الأولى ، وهي تطالب والدي ومن معه بالخروج من العنبر وستلحقهما بعنبر آخر ، فلم أتمالك نفسي وأنا أنهر الممرضة ، وتدخل والدي والمريض الذي معه ، لتهدئتي ، وقال الوالد : فاضل كام ساعة وأعمل العملية أنا والراجل الطيب ده ، وأي سرير هنام عليه مفيش مشكلة ، فقلت له : مش هيحصل حتى لوفيها إيه !!!! ، فخرج المرضى من العنابر وازدحمت الطرقة بهم وبذويهم ليشاهدوا ويسمعوا هذا الصوت الثائر الرافض لهذه الفوضى ، وبدأ التأييد من بعض أصحاب النزعات التمردية ، وبدأت أسمع كلمات التشجيع والتأييد : ينصر دينك ، أيوه هو الفساد ده هيستمر لحد إمته ؟ !!!، المفروض كلنا نعمل زي الراجل ده !!!.... كل ذلك يحدث ووالدي - رحمة الله عليه - يجمع حاجاته في شنط - وعلى مَد البصر ، وجدت طبيباً وخلفه مجموعة من الممرضات وعدد من رجال أمن المستشفى وحوالي خمسة عشرة سيدة ، وعندما اقترب مني عرّفني بنفسه بأنه مدير المستشفى النوبتجي ، وأنه استلم الآن وعلم بوجود مشكلة معي فحضر لحل المشكلة ، فقلت له : خروج الوالد من هذا العنبر لن يكون أبداً ، فهمس الرجل في أذني وأبلغني بأن هؤلاء السيدات مرضى ، بأمراض مختلفة ، ولا يجوز دخولهن عنبر الرجال ، وهذا موقف إنساني ، وأبلغني أنه وفّر سريرين للوالد والمريض الذي معه في عنبر الرجال ، ودخلت مع الوالد العنبر ، وقمت بإعداد سريره وأرحته على السرير ، وكذلك فعلت مع المريض المصاحب له ، ثم بدأت أتحدث مع المرضى الذي أعجبهم تصرفي ، وبدأ كل واحد منهم يحكي مأساته في مستشفيات الحكومة والتأمين الصحي ، واكتشفت أن هذا العنبر يضم مرضى في انتظار إجراء عمليات مختلفة ، مابين ميه بيضا ، عضروف ، حصوة ، بواسير ، .... !!!! ، ثم تركت الوالد على وعد بأن أعود صباحاً أثناء إجرائه العملية ، وأثناء دخولي المستشفى صباحاً
، سمعت صراخاً في نهاية الطرقة من مريض وهو يجلس على التروللي ،ويحاول النزول والفرار ، والممرضان يمسكان به !!! ، وسمعته يقول : ميه بيضا يااولاد الكلب .... ميه بيضا يااولاد الكلب مش غُدة !!!! ، إلحقني يادكتور محمد .... إلحقني من ولاد الكلب دول !!!! ، فجريت عليه ، وسط عدم مبالاة من المارة ، وسألته فيه إيه ؟ !!! قال لي : أنا محجوز في العنبر اللي فيه الحاج وهعمل عملية ميه بيضا ، وعلشان رجلي بتوجعني نمت على التروللي ، وسمعت الممرض ده بيقول للتاني : دخّل الراجل ده بتاع الغُدة !!! ، قلت له : غُدة إيه ؟ !!! أنا غُدتي سليمة ، أنا داخل أعمل ميه بيضا !!! ، راسهم وألف سيف إن أنا عندي الغدة !!! ، يعني لو أنا كنت أخدت البنج ، كان زمانهم عملوا لي الغدة !!!! ، فين وفين على ما أقنعتهم إن الراجل عنده ميه بيضا !!!! ، والراجل دخل يعمل الميه البيضا !!!! ، فانتبهت لأن موعد إجراء عملية الوالد الآن وخُفت يحدث ما حدث لهذا الرجل ، وعندما دخلت العنبر مسرعاً ، وجدت والدي على السرير وقد أجرى العملية ، وأسرتي كلها حواليه ، والعنبر كله بيضحك على موضوع الراجل بتاع الغدة !!! ... ولم يتحرك أحد للدفاع عن الرجل ، ووجدت أن هذا الأمر معتاد وليس جديداً في هذه المستشفيات !!!! ، يا نهار إسود !!!! ، كل واحد يخلي باله من غدته !!!! .
دكتور محمد زهران - مؤسس تيار استقلال المعلمين ....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحلة فى أعماق شاعر : الشاعر إيليا أبو ماضى بقلم محسن الوردانى

الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى أحد أبرز شعراء المهجر فى القرن العشرين جاء إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة والتقى بالكاتب اللبنانى انطوان جميل ودعاه انطوان للكتابة فى مجلة الزهور فبدأ فى نشر قصائد بالمجلة . صدر له عام 1911 ديوان      تذكار الماضى هاجر عام 1912 الولايات المتحدة وأسس الرابطة القلمية  مع جبران خليل جبران وميخائيل نعمه توفى سنة 1957 يقول ايليا أبو ماضى فى قصيدته ليس السر في السنوات قل للذي أحصى السنين مفاخرا     يا صاح ليس السرّ في السنوات لكنه في المرء كيف يعيشها     في يقظة ، أم في عميق سبات قم عدّ آلاف السنين على الحصى     أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟ خير من الفلوات ، لا حدّ لها ،     روض أغنّ يقاس بالخطوات كن زهرة ، أو نغمة في زهرة،     فالمجد للأزهار والنغمات تمشي الشهور على الورود ضحوكة     وتنام في الأشواك مكتئبات وتموت ذي للعقم قبل مماتها     وتعيش تلك الدهر في ساعات تحصى على أهل الحياة دقائق     والدهر لا يحصى على الأموات ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ                       كالبيت مهجورا وكالمومات جعل السنين مجيدة وجميلة     ما في مطاويها من الحسنات وهنا يتحدث إيليا ابو ماضى

ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان

* ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان في مدينة فينيسا "البندقية" بإيطاليا، كان اليهودي الجشع"شيلوك" قد جمع ثروة طائلة من المال الحرام..فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش..وكانت مدينة البندقية في ذلك الوقت من أشهر المدن التجارية، ويعيش فيها تجار كثيرون من المسيحيين..من بينهم تاجر شاب اسمه"انطونيو". كان "انطونيو"ذا قلب طيب كريم..وكان لا يبخل على كل من يلجأ إليه للاقتراض دون ان يحصل من المقترض على ربا او فائدة.لذلك فقد كان اليهودي "شيلوك"يكرهه ويضمر له الشر بالرغم مما كان بيديه له من نفاق واحترام مفتعل. وفي اي مكان كان يلتقي فيه "انطونيو"و"شيلوك"كان "انطونيو"يعنفه ويوبخه، بل ويبصق عليه ويتهمه بقسوة القلب والاستغلال.وكان اليهودي يتحمل هذه المهانه، وفي الوقت نفسه كان يتحين أيه فرصة تسنح له للانتقام من "انطونيو". وكان جميع اهالي "البندقية"يحبون "انطونيو" ويحترمونه لما عرف عنه من كرم وشجاعة ،كما كان له أصدقاء كثي

قصيدة (الكِرْش.. بين مدح وذمّ!)

• الكِرْشُ مفخرةُ الرجالِ، سَمَوْا به ** وتوسَّدوه، ووسَّدوه عيالا • خِلٌّ وفيٌّ لا يخونُ خليلَهُ ** في الدرب تُبصِرُ صورةً وخيالا = = = = = - الكِرْشُ شيءٌ يا صديقُ مُقزِّزٌ ** وصف البهائم، لا تكنْ دجَّالا! - وكـ "واو" عمرٍو للصديق ملازمٌ ** قد أورَثَ الخِلَّ الوفيَّ ملالا! = = = = = • يا صاح ِ، إنّي قد رضيتُ مشورةً ** إنّ المشورة ليس تعدلُ مالا • مَن للعيال مُداعِبٌ ومُؤانِسٌ ** مَن غيرُه سيُأرجِحُ الأطفالا؟ • مَن لـ "المدام" إذا الوسادُ تحجَّرتْ ** يحنو عليها خِفَّةً ودلالا؟ • مَن للطعام إذا ملأتم سُفْرةً ** حمَلَ البقيَّةَ فوقه، ما مالا؟ • مَن تستعينُ به لإطرابِ الألى ** غنَّوْا، وطبَّلَ راقصًا ميَّالا؟ = = = = = - أضحكتني؛ إذ كان قولُك ماجنًا ** وظهرتَ لي مُتهتِّكًا مُحتالا! - لكنَّه عند التحقُّق عائقٌ ** وقتَ الجهاد يُقهقِرُ الأبطالا - إنَّ النحافة في الوغى محمودةٌ ** والكِرْشُ ذُمَّ حقيقةً ومقالا - إذ صاحبُ الكرش ِ العظيم ِ لُعابُه ** إنْ أبصرَ الأكلَ المُنمَّقَ سالا = = = = = • هَبْ أنَّ ما حدَّثتني به واقعٌ ** ما ضرَّه لو