التخطي إلى المحتوى الرئيسي

( من أشعارِ المَجانين ) للشاعر اسامة سليم

( من أشعارِ المَجانين )
قالَ أحَدُ الأُدباء : كانَ رَجلٌ من أهلِ الأدَبِ قد ذَهَبَ عَقلُهُ بالمَحَبَّةِ
فاستَوقَفتُهُ وقلتُ لَه : ما حالُكَ ، وأينَ النعمة ؟ قالَ : تَغَيَّرَ قلبي
بالحُبِّ ، فَتَغَيَّرَتِ النعمة ، ثمَّ بَكى و أنشَأَ يَقولُ :
أرى الـتَّجَمُّلَ شَيئاً لـستُ أُحـسِنُهُ
و كـيفَ أُخـفي الهَوى والدَمعُ يُعلِنُهُ
أم كـيـفَ صَـبـرُ مُـحِـبٍّ قَـلـبُهُ دَنِــفٌ
الـشَـوقُ يُـنـحِـلُهُ والـهَـجـرُ يُـحـزِنُـهُ
وكيفَ يَنسى الهَوى مَن أنتَ فِتنَتُهُ
وفـتـرةُ الـلَـحظِ من عَـيـنيكَ تَـفـتِنُهُ
قلتُ: أحسَنتَ واللهِ ، فَقالَ : قِفْ قليلاً ، فَواللهِ لَأطرَحَنَّ في
أُذُنَيكَ أدَباً أثقَل من الرَصاصِ ، وأخَفّ على القَلبِ من ريشِ
النَعام ، فَوَقَفتُ ، فَأنشَدَ :
لِـلحُبِّ نـارٌ على قـلبي مُضَرَّمَةٌ
لم تَبلُغِ النارُ مِنها عُشرَ مِعشارِ
الـمَـاءُ يَـنبُعُ منها في مَـحاجِرِنا
يـالـلرِّجالِ لِـمـاءٍ فـاضَ مــن نـارِ
و أنشَدَ ايضاً :
أعـــادَ الــصُـدودَ فـأحـيا الـغَـليلا
وأبــدى الـجَـفاءَ فَـصـبراً جَـميلا
وأحسَبُ نَفسي على ما تَـرى
سَـتلقى مِنَ الَهجَـرِ غَمّاً طويلا
وأحـسَـبُ قـلبي عـلى مـا بَـدا
سَـيَـذهَبُ مـنّـي قَـلـيلاً قَـلـيلا
وقالَ الحَسَنُ بن هانيء : رأيتُ مانيّا الموسوس فأنشَدَني :
شِـعرُ حَـيٍّ أتاكَ من لَفظِ مَيْتٍ
صـارَ بـينَ الـحَياةِ و المَوتِ وَقْفَا
قد بَرَت جِسمَهُ الحَوادِثُ حتّى
كــادَ عـن أعـيُنِ الـبَريَّةِ يَـخفى
لــو تَـأمَّـلتَني لِـتُبصِرَ شَـخصي
لـم تـبيّنْ مِـنَ الـمَحاسِنِ حَرفا
وقالَ جُعَيفُرانُ الموسوس وهو من العقلاء المجانين :
مــا غَــرَّدَ الـديـكُ لـيـلاً فـي دُجُـنَّتِهِ
إلّا حَـثَـثـتُ إلـيـكَ الـسَّـيرَ مَـجـهودا
ولا هَـــدَت كــلُّ عـيـنٍ لَــذَّ راقِـدُهـا
بِـنَـومَةٍ فـي لَـذيذِ الـعَيشِ مَـمهودا
إلّا امتَطيتُ الدُّجى شَوقاً إليكَ ولــو
أصـبَحتُ فــي حَلَقِ الأقيادِ مَصفودا
أسـعى مُـخاطَرَةً بِالنَّفسِ يــا أمَلي
والــلـيـلُ مُــــدَّرِعٌ أثــوابَــهُ الــسُّـودا
فَـلَم تَـرِقّي ولَـم تَـرثي لِــذي دَنَـفٍ
زَوَّدتِـــهِ حُــرُقــاتِ الــقَـلـبِ تَــزويـدا
هَـيهاتَ لا غَـدرَ فـــي جِـنٍّ ولا بَشَرٍ
إلّا يُــخــالُ مُــعَــدّاً فــيــكِ مَــوجـودا
فَقلتُ : يا أيَّتُها الشُعوبيّةُ !!! يا أيَّتُها الحَداثة !!!
هذا أدبُ مجانين العَرب ، فكيفَ أدب العُقَلاء !!!
ثمَّ قلتُ :
زِدني عَذابـاً ... في الغَرامِ مَـطامِعي
لا تـــأخــذَنَّــكَ رَأفَـــــةٌ بِــمَــواجِـعـي
لا تَـحـبِـسَنْ غَــوثَ الـعُـيـونِ فَـإنَّـني
حَـزَنـاً أمــوتُ إذا حَـبَـستَ مَـدامِـعي
فــي شِـقوَتي أجِدُ السَعادَةَ و الرِضا
و نَعيم عيشي فـي جَحيمِ فَواجِعي
إن قـيـلَ مَــجـنـونٌ فَــتِـلـكَ حَـقـيـقَةٌ
طَـرِبَت بِـشَدوِ الـشامِتينَ مَسامِعي
أو قــالَ بــادَ مِـنَ الـصَـبابَةِ حـاسِدي
حَسبي لَقيتُ على الوَفاءِ مَصارِعي
.................................................

من ديوان ( بَصمة قلم )
للشاعر اسامة سليم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحلة فى أعماق شاعر : الشاعر إيليا أبو ماضى بقلم محسن الوردانى

الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى أحد أبرز شعراء المهجر فى القرن العشرين جاء إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة والتقى بالكاتب اللبنانى انطوان جميل ودعاه انطوان للكتابة فى مجلة الزهور فبدأ فى نشر قصائد بالمجلة . صدر له عام 1911 ديوان      تذكار الماضى هاجر عام 1912 الولايات المتحدة وأسس الرابطة القلمية  مع جبران خليل جبران وميخائيل نعمه توفى سنة 1957 يقول ايليا أبو ماضى فى قصيدته ليس السر في السنوات قل للذي أحصى السنين مفاخرا     يا صاح ليس السرّ في السنوات لكنه في المرء كيف يعيشها     في يقظة ، أم في عميق سبات قم عدّ آلاف السنين على الحصى     أتعدّ شبة فضيلة لحصاة؟ خير من الفلوات ، لا حدّ لها ،     روض أغنّ يقاس بالخطوات كن زهرة ، أو نغمة في زهرة،     فالمجد للأزهار والنغمات تمشي الشهور على الورود ضحوكة     وتنام في الأشواك مكتئبات وتموت ذي للعقم قبل مماتها     وتعيش تلك الدهر في ساعات تحصى على أهل الحياة دقائق     والدهر لا يحصى على الأموات ألعمر ، إلاّ بالمآثر، فارغ                       كالبيت مهجورا وكالمومات جعل السنين مجيدة وجميلة     ما في مطاويها من الحسنات وهنا يتحدث إيليا ابو ماضى

ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان

* ترجمة تلخيص مسرحية تاجر البندقيه * مع تحليل نقدى لابعاد المسرحيه بقلم د/ طارق رضوان في مدينة فينيسا "البندقية" بإيطاليا، كان اليهودي الجشع"شيلوك" قد جمع ثروة طائلة من المال الحرام..فقد كان يقرض الناس بالربا الفاحش..وكانت مدينة البندقية في ذلك الوقت من أشهر المدن التجارية، ويعيش فيها تجار كثيرون من المسيحيين..من بينهم تاجر شاب اسمه"انطونيو". كان "انطونيو"ذا قلب طيب كريم..وكان لا يبخل على كل من يلجأ إليه للاقتراض دون ان يحصل من المقترض على ربا او فائدة.لذلك فقد كان اليهودي "شيلوك"يكرهه ويضمر له الشر بالرغم مما كان بيديه له من نفاق واحترام مفتعل. وفي اي مكان كان يلتقي فيه "انطونيو"و"شيلوك"كان "انطونيو"يعنفه ويوبخه، بل ويبصق عليه ويتهمه بقسوة القلب والاستغلال.وكان اليهودي يتحمل هذه المهانه، وفي الوقت نفسه كان يتحين أيه فرصة تسنح له للانتقام من "انطونيو". وكان جميع اهالي "البندقية"يحبون "انطونيو" ويحترمونه لما عرف عنه من كرم وشجاعة ،كما كان له أصدقاء كثي

قصيدة (الكِرْش.. بين مدح وذمّ!)

• الكِرْشُ مفخرةُ الرجالِ، سَمَوْا به ** وتوسَّدوه، ووسَّدوه عيالا • خِلٌّ وفيٌّ لا يخونُ خليلَهُ ** في الدرب تُبصِرُ صورةً وخيالا = = = = = - الكِرْشُ شيءٌ يا صديقُ مُقزِّزٌ ** وصف البهائم، لا تكنْ دجَّالا! - وكـ "واو" عمرٍو للصديق ملازمٌ ** قد أورَثَ الخِلَّ الوفيَّ ملالا! = = = = = • يا صاح ِ، إنّي قد رضيتُ مشورةً ** إنّ المشورة ليس تعدلُ مالا • مَن للعيال مُداعِبٌ ومُؤانِسٌ ** مَن غيرُه سيُأرجِحُ الأطفالا؟ • مَن لـ "المدام" إذا الوسادُ تحجَّرتْ ** يحنو عليها خِفَّةً ودلالا؟ • مَن للطعام إذا ملأتم سُفْرةً ** حمَلَ البقيَّةَ فوقه، ما مالا؟ • مَن تستعينُ به لإطرابِ الألى ** غنَّوْا، وطبَّلَ راقصًا ميَّالا؟ = = = = = - أضحكتني؛ إذ كان قولُك ماجنًا ** وظهرتَ لي مُتهتِّكًا مُحتالا! - لكنَّه عند التحقُّق عائقٌ ** وقتَ الجهاد يُقهقِرُ الأبطالا - إنَّ النحافة في الوغى محمودةٌ ** والكِرْشُ ذُمَّ حقيقةً ومقالا - إذ صاحبُ الكرش ِ العظيم ِ لُعابُه ** إنْ أبصرَ الأكلَ المُنمَّقَ سالا = = = = = • هَبْ أنَّ ما حدَّثتني به واقعٌ ** ما ضرَّه لو